Site icon IMLebanon

إلى نصرالله وبري وجنبلاط بشفافية ومسؤولية: هذه خارطة طريق العشائر العربية في خلدة لحل مسألة الموقوفين

قد يكون يوم الاثنين 24 نيسان نقطة تحوّل مفصلية تؤدي لإنهاء ملف أحداث خلدة بين العرب وحزب الله, حيث نظمت العشائر في خلدة أمس لقاء عشائريا سياسيا ضخما لافت حضره وشارك به نواب من عدة كتل نيابية (9 نواب) وأحزاب وشخصيات مسيحية إضافة طبعا الى الحضور اللافت للرمز السنّي الديني المتجسّد بمفتي الجمهورية اللبنانية (تمثيلا) ومفتيي المناطق ووجهاء عشائرية نوعية من كل المحافظات اللبنانية.
حول هذا اللقاء الذي بُثّ مباشرة على أكثر من قناة تلفزيونية، تعددت الآراء وتنوّعت في تقييم الكلمات التي ألقاها المشاركون والتي بلغت عشر كلمات وقد تمحورت عملية التقييم هذه على أربع نقاط أساسية وهي التالية:
١- هناك اجماع من المتحدثين على رفض الأحكام.
٢- طرح إلغاء المحكمة العسكرية أو حصر صلاحياتها بالسلك العسكري فقط.
٣- تضامن المشاركون مع العشائر في قضيتهم المحقة.
٤- قد يكون بعض المشاركين المتحدثين بنواياهم وحساباتهم السياسية اعتبروا ان هذه المسألة فرصة لهم لإعلان مواقفهم تجاه مسائل داخلية أخرى يعاني منها البلد وأعتقد هؤلاء ان منبر العشائر هو منصة لهم لإطلاق هذه المواقف، وهنا أيضا يقف بعض العرب كثيرا عند بعض من رفع لهجة التصعيد من المتحدثين في هذا المؤتمر (؟!).
٥- العرب من جهتهم، أهل نخوة وكرم وضيافة وفي ذات الوقت هم أهل حكمة ودهاء وفطنة، ناهيك ان وضعهم الصعب الحالي يشبه الغريق الذي يجاهد لينجو من اليم والغرق، وهدفهم فقط هو فك أسر أولادهم لا أكثر ولا أقل، وهم لديهم الوعي السياسي ويدركون تماما بان بعض السياسيين لديهم مآربهم ومشاريعهم، لكن العرب يتساءلون في ديوانياتهم كيف العمل لحل عادل لقضيتهم وهم في بلد مصاب بطبقة سياسية فاسدة؟
إذن العرب هم الآن في مأزق والأحكام الجائرة قد صدرت بحق أبنائهم، ولا بد من التحرك المكثف  والجهد الدؤوب لإخراج أولادهم من الحبس… وكما قال أحدهم لكاتب السطور: «حتى مرجعياتنا لم تفلح بإعادة أولادنا الى البيت، ومرحعيات المنطقة (الجبل) ولحسابات عديدة عجزت أو قصّرت عن قصد أو غير قصد، لا نعلم في مساعدتنا، لهذا استقبلنا ريفي من الشمال ومعوض من زغرتا والكتائب والقوات والتغييريين وهذا ما قد يعمل حساسية لنا وإرباك مع جنبلاط وارسلان..».
من هذا المنطلق كله استقبلت العشائر العربية هذه القوى السياسية المتنوعة أمس في ديوانها أمس، متأملة أن يكون هؤلاء شركاء لهم (في مكان ما) ويذكر أحد نخب العشائر ان «مسألتنا راقية وحضارية وسامية، وهي رفع الظلم عن شباب خلدة والتي بدأت تتحول الى قضية رأي عام وطنية كبرى، ولن نسمح لأحد أن يحوّلها الى سوق عكاظ سياسي مهما تشابكت وتعقّدت أو تلاقت أو حتى لو تلاقت الأمور». ويضيف «نحن نقدّر ونثمّن كل من يقف معنا، لأي بيئة انتمى أو لأي هوية سياسية وايديولوجية يحمل، ولأي مشروع سياسي يحمل، وبصراحة، أمنياتنا كعشائر عربية لو كان لقائنا اليوم هو لبحث وتبادل الآراء والأفكار لاستيلاد صيغة وآلية عمل ننقل بها بلادنا من بيداء معاناة وعذابات المواطن التي طال ليلها ولم يأتِ حتى الآن فجر الانتهاء منها»، ويضيف «إنما شاء القدر انه منذ سنتين خسرنا في خلدة فتى بسبب تفلّت السلاح وانتشار اللااستقرار في هذه المنطقة، وحيثيات ووقائع الأحداث معروفة للجميع…
كما ان منسوب الظلم والاستعلاء والبهتان ولج مكانا غير مقبول وغير طبيعي ومرفوض كليا، وهو ما تجسّد في ما صدر من أحكام ظالمة ووقحة وفجّة وفاقعة، ولا تمتّ للعدالة بصلة، وهي الأحكام التي طالت 37 شابا من خيرة شباب عشيرتنا».
إذن، في عمق وصلب المسألة يتلمس المراقب بأن الرأي العام عند العرب يدرك تماما مدى التعقيد والانسداد السياسي الذي يعاني منه البلد، وما يزيد الأمر اهتماما وتأثيرا وتعقيدا وحساسية هو موقع خلدة الجيوسياسي عند كل الأطرا ف، حيث لموقعها الجغرافي انعكاس على مواقف الأطراف في مسألة خلدة حيث تعتبر خلدة بمثابة بوابة لخمس، وهي التالية:
بوابة العاصمة، بوابة الجبل، بوابة الجنوب، بوابة لبنان للعالم من خلال وقوع المطار على أرضها، وفي الخمسينيات كان يُسمّى بمطار خلدة الدولي، ولذا في هذا السياق تأمل العشائر أن تصبح لخلدة بوابة خامسة (بوابة العدالة والسلم الأهلي)، وذلك باقرار العدالة والانصاف تجاه شبابها القابعة ظلما في السجون، لتكون عندئذ فعلا بوابة العدالة والاتصاف والنزاهة، وهذا يتجسّد في نجاح الجهود المنشودة في رفع الظلم عن شباب خلدة…
تأسيسا على ما جاء أعلاه، وبعد لقاءات وحوارات مع صنّاع رأي وتأثير من نخب ووجهاء العشائر في خلدة الذين يؤكدون اننا «نحن لا نطالب بإلغاء المحكمة العسكرية، فهذا الأمر له ناسه (القوى السياسية واللجان المختصة في المجلس النيابي).
إنما نحن فقط نطلب من المحكمة العسكرية إلغاء الأحكام الجائرة وإطلاق سراح الشباب فورا»..
هذه النخب العشائرية ومن مناقشاتها وحواراتها تنظمها في الديوانيات يستخلص الباحث والمتابع عناوين عريضة لخارطة طريق تطرحها العشائر تؤدي الى حل مسألة خلدة جذريا مع حزب الله وهي التالية:
1- إنهاء ذيول الأحداث جذريا.
2- حفظ الحقوق والكرامة والخصوصية.
3- اطلاق سراح كل الموقوفين العرب.
4- الحرص على السلم الأهلي.
5- تعزيز العيش المشترك وميزة التنوع.
6- سيادة القانون (وروحية القانون).
7- اعتماد لغة الحوار.
8- العشائر لن تسمح لأحد إطلاقا بالتوظيف السياسي أو الابتزاز الانتخابي لمسألتهم المحقة.
9- العشائر العربية في خلدة تدرك حقيقة كل حسابات ونوايا واستراتيجيات كل القوى والأطراف..
10- إنجاز المصالحة العادلة والنزيهة والمتماسكة والمتوازنة مع الآخر، تحفظ الكرامة الإنسانية.
أما رسالة العشائر لقيادة الجيش والأجهزة المعنية، فقد أشار إليها المتحدث باسم العشائر الشيخ علي موسى موسى بانه «لا بد عليها أن تتدارك الأمور وذلك بإنهاء الملف جذريا، قبل أن ينزلق الوضع الى هاوية لا يعلم أحد خطورتها إلا الله تعالى».
تأسيسا، على ما جاء تؤكد جهات متابعة ان الحكمة والوعي والجدّية والمسؤولية والشفافية والصراحة تشير كلها الى ان الكرة الآن في مرمى المعنيين وخصوصا أربع (مفتي الجمهورية – شخصيا -؛ وبري وحزب الله وارسلان-، ان ميكانيزم والعلاقات التاريخية بين بري وجنبلاط هي بوابة حيوية تجاه حزب الله)، إلا إذا هناك حسابات خفية ومكتومة.
هذه أعلاه خلاصة الرؤية عند العشائر، وإلا لا سمح الله هناك باب عريض سيفتح لخيارات لا يعلم أحد عواقبها، وهي – بالتأكيد – تبقى في دائرة المجهول، وهذا ما يرفضه كل مسؤول عاقل ومخلص.