قلق عربي ورعب أوروبي.. والخطة الأميركية بلا تعديل!
وقائع من نقاش حول «الحرب الجوية» على «داعش»
كثيرون في لبنان وغيره من الدول، عوّلواعلى اجتماع قادة جيوش الدول المشاركة في الحرب على «داعش»، الذي انعقد برعاية اميركية في الرياض مؤخرًا، واعتقدوا انّ ثمة خطة مواجهة جديدة قد تنبثق عن هذا الاجتماع بما يلحق هزيمة فعلية بهذا التنظيم لا الاكتفاء بـ «الضربات الجوية» في ايلول الماضي.
عقد الاجتماع وانفض، وكأنّ شيئا لم يكن. بعض المعنيين المهتمين، سعوا الى الوقوف على صورة ما يجري. واخطر الصور التي تم الوقوع عليها هي ان الخطر بات شاملا.. لبنان في قلب الخطر والارهاب يتهدده من الداخل والخارج، وحتى الآن ما يزال صامدا في المواجهة التي يخوضها عبر جيشه. قلق في الاردن. مصر تعيش قلقاً من خاصرتها الليبية ومن سيناء، وتشاركها ايطاليا والاوروبيون القلق من ليبيا التي بات خطر الارهاب فيها على بعد اميال. بالخلاصة الاوروبيون «مرعوبون».
ما سمعه هؤلاء المعنيون من الجنرال الذي تشارك بلاده في تلك الحرب، اقلقهم اكثر، وجعلهم متوجسين من نتائج عكسية لا تخدم الهدف المعلن لهذه الحرب، اي القضاء على هذا التنظيم الارهابي.
سئل الجنرال المذكور: ماذا تحقق في حرب التحالف الدولي على «داعش»؟ فجاء جوابه صادما لبعض المشاركين «لقد حققنا إنجازات مهمة. الجيش العراقي يحقق انجازات في العراق، تم تحرير كوباني من التنظيم الارهابي، ودمرنا قواعدهم ومراكزهم وقتلنا منهم ما يزيد عن تسعة آلاف ارهابي، ومن بينهم نحو ثلاثين من قياداتهم الاساسية. طيران التحالف يسيطر على الجو، ولم يعد في امكان داعش ان يتنقل عبر قوافل او مواكب كما كان عليه الحال قبل اعلان الحرب عليه، صاروا يخافون من ان يستهدفها طيران التحالف»!
ما توفر لهؤلاء المعنيين المهتمين من معطيات حول الاجتماع يشير الى ان اتيان الجنرال المذكور على ذكر كوباني وما يقوم به الجيش العراقي، جعل بعض المشاركين يناقشونه «هل هذه تعد انجازات لدول التحالف؟ وهل هذا هو المطلوب فقط؟». فرد عليهم بأن «داعش، ومنذ بدء الحرب عليه، خسر مساحات كبيرة». ولكن ماذا عن النقاط والمناطق التي سيطر عليها هذا التنظيم وما زال فيها ويثبت تواجده فيها باخضاعها الى قوانينه وانظمته؟ سأل مشاركون.
لم تشر تلك المعطيات الى تبديل في خطة الحرب الجويّة التي يشنها التحالف، ولا الى وجود خيوط لخطة جديدة فاعلة وفعالة، وطبعا برعاية اميركية، لالحاق الهزيمة الفعلية بـ «داعش»، لا بل ان بعض المشاركين فوجئوا بأسئلة تطرح عليهم مثل: «ما هو العمل برأيكم؟». الأجوبة كانت «لم يفعل التحالف الدولي شيئا حتى الآن. استمرار الحرب على نحو ما هي سائرة عليه قد يعيق داعش بعض الشيء لكنه لا يقضي على هذا التنظيم. يجب النظر الى الارض، ففي ظل عدم وجود خطة وضربات نوعية وميدانية، يمكن ان يصمد داعش الى ما لا نهاية، كل كلام خلاف ذلك يجافي الحقيقة».
الحل بسيط، كما ورد في بعض الاجوبة، «استمرار الضربات الجوية يعني إطالة امد الحرب، المطلوب هو بدء العمل على الارض. يجب القيام بعمل حاسم ولو واحد يلحق الهزيمة بداعش فيه. فالجيش العراقي يقوم بما يقوم به في مناطق مقدور عليها، وكوباني كان للاكراد دور ميداني في استردادها، وعلى اهميتها لا تعد انتصارا فعليا للتحالف وإن كان قد ساعد الاكراد. المطلوب عمل حاسم في مناطق حساسة لداعش، او التي يعتبرها اساسية وبيئة حاضنة له. إن تمّ الحسم في احدى تلك المناطق، ستكون لها ارتداداتها المعنوية وتتدحرج مفاعيلها على امتداد سوريا والعراق.. لكن ان نستمر كما نحن عليه فكأننا ندور حول انفسنا».
احد الطروحات العملية التي حملتها بعض الاجوبة والتي اعتبرت حاسمة قال بقطع خطوط الوصل بين سوريا والعراق لمنع عبور المجموعات الارهابية في الاتجاهين، والجانب العراقي لا يجد مانعا في ذلك حتى ولو اضطر الامر الى تدمير بعض الجسور القائمة. لكن العائق كان اميركيا واما الحجة فهي «هدفنا ليس تدمير بنى تحتية في أيّة دولة ولا قتل مدنيين»! فقيل له: «ليس من يعبر على تلك الجسور هم مدنيون، من يعبر هم المسلحون الارهابيون فقط»؟
وبحسب تلك المعطيات، فإن النقاش داخل جدران الاجتماع الدولي، اظهر عدم ادخال اي تعديل في وتيرة الضربات الجوية، والاهم في هذا السياق ان هذه الضربات باتت تقتصر في الاونة الاخيرة على الاميركيين بشكل خاص ومعهم الاماراتيون والأردنيون مؤخرًا، مع لحظ بعض التراخي في هذا المجال من قبل البريطانيين والفرنسيِّين.
واما تركيا فالكل يدرك أنّ لديها أجندتها، وان ما قامت به بنقل رفات سليمان باشا من سوريا تمثيلية هزليّة، وليس مستبعدا ابدا ان تصطدم تلك الاجندة لاحقاً بالاجندة الاميركية.