IMLebanon

أحوال العرب وخرافاتهم ٢٠١٥- ٢٠١٦

تركت سنة ٢٠١٥ للمواطن العربي خيارين مأسويين. كأنما كان عليه أن يتعايش “الى الأبد” مع إستبداد ما قبل “الربيع العربي”، لئلا يجد نفسه بعدها أمام وحشية العيش في ظلام “دولة الخلافة”. تأتيه سنة ٢٠١٦ بأولويتين مشوشتين. كأنما عليه أن يتفرغ للحرب على الإرهاب، من غير أن يضمن مستقبلاً غير ملطخ بمزيد من الدمار والدماء.

لا مكان يُمَكِّن العرب من بناء أوطان تحترم حقوق الإنسان وتمنحهم حياة كريمة. يبدو الأمر ترفاً في غير زمانه. ما كان ذلك ليكون لولا شيوع الأمية والفقر والتعصب في بلدان الإفتقار المخيف الى التعليم النوعي. دعكم من تعليم العلوم والرياضيات للبنات، لكي يتمكنّ – بلا منّة من أحد – من الاضطلاع بأدوار متساوية مع الرجال. يستعيض إسلاميو هذا العصر عن التعليم النوعي بالتبحر في العلوم القرآنية والدينية، والتمسك بالخرافات في شأن الديانات والعقائد والمبادىء الأخرى. جلّ وقتهم الاستغراق في ماضي “أبي جهل” و”أبي لهب”. “يعبِّدون” الطريق الى يوم الدينونة. “يقطعون” التذاكر الى الجنّة والى النار.

أدت هذه الخيارات الى استعار المحرقة عربياً ليس فقط بين السنّة والشيعة، بل أيضاً بين الإسلام السياسي، وما يتفرع منه من إسلام جهادي، وعسكر متمسك أو متأمل بسلطة ما. ألا يثير الدهشة هذا الإلتحاق بـ”الدولة الإسلامية” (داعش) وغيرها من الجماعات التي تعتنق مذهب الإرهاب؟ ممن تتألف الفئات التي تكفلت محاربته على الأرض؟ ترتسم اصطفافات واضحة. ولكن مَن غير المدنيين والناس العاديين سيدفع أثمان هذا الدفق الهائل والمخيف من الضغينة والحقد والكراهية؟

لم تحل استراتيجية “الإحتواء” التي اعتمدتها الإدارة الأميركية دون وصول الإرهابيين مجدداً الى الدول الأوروبية والولايات المتحدة. لم تعد “غزوات” الجهاديين و”فتوحاتهم” تقتصر على حدود دولة الخلافة. تقاتل “داعش” من سوريا والعراق الى اليمن ومصر ومن ليبيا ونيجيريا الى آسيا الوسطى والقوقاز.

في أيام كالمولد النبوي وميلاد يسوع، لا يعثر العربي إلا على مزيد من القهر لمن لا يسيرون على خطى “السلف الصالح”، بصرف النظر عن تعاليم الشريعة السمحة للرسول محمد.المسيحيون ينالون قسطاً وافراً من الاضطهاد على رغم ما يحمله الميلاد من رسالة للسلام. دعك من اسرائيل التي لا يمسها سوء في غليان الشرق الأوسط، ليس ثمة من يسأل حقاً بقلق عن مصائر الأقليات الأخرى، كالأيزيديين والتركمان والصابئة، سوى المتأثرين بهواجس الغرب حيال حقوق الإنسان.

لا يزال نظام سايكس – بيكو في طور الانهيار. لم تتضح بعد أدوار كل هؤلاء. لم ترتسم كذلك حدود “الأوطان” المقبلة بين العرب والأكراد وبين السنة والشيعة.

هذه هي أحوال العرب في نهاية ٢٠١٥. ليست هذه خرافاتهم في بداية ٢٠١٦.