الصوت عربيّ، والهدف إنقاذ ما تبقى من سوريا، وهذا مستجد جدير بالإهتمام. نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي يؤكد أهميّة زيارة الوفد الوزاري العربي الى بيروت برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الخالد الصباح الذي ترأس بلاده القمة العربيّة الدوريّة. فماذا في التفاصيل؟
شخصيّة عربيّة وازنة في الوفد أكدت أنّ الزيارة تدخل في إطار مسعى عربي جاد لإحتضان الوضع في سوريا وصولاً الى تسوية تضع حدّاً للعنف، وتشكل قاعدة ومنطلقاً لبناء «سوريا الجديدة».
وتضيف: هناك حوافز، منها:
– إستعادة سوريا الى البيت العربي.
– تعميم المبادرة الخليجيّة التي أطلقها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، والهادفة الى المصالحة والإنفتاح، وطيّ صفحة التباعد والتشرذم.
– الإتعاظ من التجربة العراقيّة، وحتى لا تصبح سوريا نهائيّاً بين فكيّ إيران من جهة، وتركيا من جهة أخرى.
– إستخلاص العِبَر من هذا المدّ الطويل من العنف الذي أوشك أن يطوي السنة الرابعة، والذي حصَد ما حصَد من المآسي والخراب والدمار، ويكفي القول إنّ نصف الشعب السوري قد أصبح خارج بيته، وبيئته، وأرضه، ومحيطه، وحتى وطنه، هائماً على وجهه.
• هل من أسس وقواعد يُصار الى البناء عليها؟
– منذ أن ترأست الكويت مؤسسة القمّة في آذار الماضي، كان يتردّد سؤال وراء كواليس الجامعة العربيّة، ورافق معظم أنشطتها وإجتماعاتها، محوره الآتي: أين العرب؟ أين جامعتهم؟ ولماذا لا تكون هناك مبادرة عربيّة لترتيب تسوية للأزمة، بدلاً من الإنكفاء وإفساح المجال أمام الآخرين من أميركييّن، وروس، وأوروبييّن؟
وتضيف الشخصية: يجب الإعتراف بأنّ فشل «جنيف 1»، و»جنيف 2»، شكّل نقطة تحوّل في الموقف العربي. لقد بُذِلت جهود سياسيّة، وديبلوماسيّة عربيّة لإنقاذ المؤتمر، وإنجاح خطواته ومراميه، ومن المعيب القول إنّ كامل النفقات قد سُددّت من مالٍ عربي، لكنّ الحكمة التي عاد بها بعض العرب من المؤتمر تؤكد أنّ المجتمع الدولي يريد أن يستثمر في الجرح السوري المفتوح، وآخر إهتماماته حصول تسوية ترضي الأطراف المتنازعة.
وتتابع: هناك نقطة جوهريّة دفعت ببعض حكماء العرب للبناء عليها. للمرة الأولى منذ بدء الثورة في سوريا يخرج كلام عربي مسؤول يدعو جدّياً الى وقف النزف، الى البحث عن تسوية، الى إنقاذ سوريا من براثن التفتيت. كانت الأصوات المرفوعة تدعو الى التجييش، والتعبئة، والتحريض، وكانت الأموال التي توظّف تحت شعار التغيير، بمثابة الزيت الذي يُصبّ على النار ليزيدها إضطراماً.
بعد أربع سنوات، تعبت هذه الأصوات، وبدأ المزاج يتغيّر، وفرضت المستجدات أجندة جديدة على العرب، ملؤها التحديات، منها على سبيل الذكر لا الحصر: تنظيم «داعش» الذي أصبح في صحن الدار العربي. الإرهاب بإسم الدين والذي وضع العرب والمسلمين في ورطة أمام الرأي العام الدَولي، خصوصاً بعد حوادث فرنسا الأخيرة.
تدنّي أسعار النفط، والذي بدأ يؤثر في الإحتياط المالي والموازنات المعتمَدة. وإنفلات الفوضى من عقالها في المجتمعات العربيّة سواء أكانت ساحاتها منتفضة، أو في عهدة أنظمة محافظة.
• عمليّا، من أين البداية؟ وما هي نقطة الإنطلاق؟ وعلى ماذا تقوم المبادرة العربيّة؟
– تجيب الشخصيّة العربيّة: نحن كوفد بدأنا التحرّك منذ فترة، رئاسة القمّة العربيّة ممثلة بالوزير الصباح، ورئاسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربيّة ممثلة بوزير الشؤون الخارجيّة والتعاون في الجمهورية الإسلاميّة الموريتانية، بالإضافة الى الأمين العام للجامعة نبيل العربي.
وسنستكمل هذا التحرّك في عدد من العواصم على أن يكون للوفد تقريرٌ مفصّل يأخذ حيّزاً من الإهتمام من حيث مقارباته في الحوار المقرّر في القاهرة في 22 الجاري، والذي يُنتظر أن يضمّ ممثلين فعليين عن المعارضة السورية بكلّ أطيافها للتباحث في إمكان إعلان خريطة طريق، او التوصل الى وثيقة مشترَكة تُعتمد في أيّ حوار سواء في موسكو، او في جنيف، او في مقرّ الجامعة العربيّة، مستنَداً في أيّ مفاوضات لاحقة لا بدّ من أن تُعقد مع النظام.
• هذا يعني أنّ الأصوات العربيّة التي تنادي بإستبعاد الرئيس بشار الأسد عن أيّ تسوية قد إنتهت؟
– عندما نتحدّث عن تسوية، يجب أن تشمل الجميع، ولا تستثني أحداً، وإلّا لن تكون، ويكون البديل إستمرار العنف والقتال، والدفع بسوريا أكثر فأكثر نحو الأشداق التركيّة – الإيرانيّة.
• ماذا عن لبنان؟ ما هو دوره؟ وما الغرض من الزيارة؟
– لبنان من بين الأصوات القويّة التي كانت مرتفعة تحت قبّة الجامعة العربيّة، وخارجها، والتي تطالب بطائف عربي، بحلٍّ عربي، بتسوية عربيّة للأزمة السورية، ودوره في هذا كبير جدّاً كونه المنفتح، المقرّب، والجامع.
أما الزيارة فهي لا تقتصر على التضامن معه في مواجهة الإرهاب، ولا على تقديم الدعم للجهود التي يبذلها لإيواء النازحين السورييّن، بل هناك حقيقة لا بدّ من مواجهتها، وهي أنّ المأوى لا يستطيع أن يجمع بين النازح والإرهابي، مع الأسف في بعض مخيّمات النزوح، خلايا، وشبكات عنكبوتيّة، وأموال تدفع في زمن الضيق، وفكر تكفيري مضلل.
لقد كشف النزوح الى لبنان، وفي لبنان هذا الخلل الكبير، وأكده التحالف الدَولي في تقاريره الدوريّة: «هناك حقائق فظيعة داخل مجتمع النزوح في لبنان لا يمكن التغاضي عنها… المسألة باتت أبعد من حالات إنسانيّة».