تدوير الزوايا تسلّل بين بنود الردّ على الورقة الكويتيّة مع الكلام الّمعسول والمُنمّق
ككل مبادرة وبيان لبناني رسمي، او ورقة داخلية او خارجية، يتسعين اهل السلطة دائماً للرد عليها بعمليات تدوير الزوايا، وإختيار الكلام المنمّق والمهذب والمختار بعناية، ليسيروا من خلالها بين الالغام والخروج سالمين وبأقل قدر من الخسارة.
هذا المشهد يسيطر على الورقة الخليجية، التي عمل المسؤولون الرسميون على تلقفها ببرودة، إنطلقت من ضرورة إعادة ما انقطع من علاقات مع دول الخليج ، وجرت صياغة الرد الذي تغاضى عن القرار 1559، بـ “سياسة الهروب”. فهذا الردّ أمل خلاله معظم اللبنانيين ان يكون إنطلاقة لعودة العلاقة اللبنانية – الخليجية، التي وصلت الى طريق مسدود بعد التوتر الذي حصل من جرّاء تهريب الممنوعات الى السعودية، وموقف وزير الاعلام المستقيل جورج قرداحي من حرب اليمن، الذي اعتبرته الرياض موجهاً ضدها، ما ساهم في توتير الاجواء اكثر على الرغم من إستقالة قرداحي بعد فترة، الى ان جاءت الورقة الكويتية – الخليجية التي حملها وزير الخارجية الكويتية الشيخ أحمد الناصر الصباح الى المسؤولين اللبنانيين، طارحاً جملة بنود وشروط لإستعادة العلاقة وإعادة الثقة بلبنان خليجياً ودولياً.
الى ذلك حمل وزير الخارجية اللبنانية عبدالله بو حبيب، الرد اللبناني يوم امس الى الكويت، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، فيما تجري دراسة الرد اللبناني ليبنى على الشيء مقتضاه، الامر الذي دفع بمصادر سياسية عايشت المواقف اللبنانية من كل مبادرة او بيان خارجي، لتشبيه الرد اللبناني بالبيان الوزاري لدى تشكيل اي حكومة جديدة في لبنان، بحيث يكون دائماً مقتضباً تفادياً للاشتباك السياسي، بما معناه انّ اعتماد مبدأ المختصر المفيد يؤدي دوره دائماً، لان المرحلة تتطلب ضرورة التوافق وتنظيم الاختلاف، اي إبعاد كل ما من شأنه توتير الاجواء، وسط التشديد على موافقة الجميع على تضمين الرد ما يرضي الجميع، وتفادي الحديث عن السلاح تفادياً لمشاكل قديمة متكرّرة، مع صياغة اي رد على اي ورقة إن كانت لبنانية او من خارج الحدود.
وتلفت المصادر المذكورة الى انّ الرد حوى الحرص الكبيرعلى العلاقات مع دول الخليج، مع ضرورة التنسيق لمكافحة تهريب المخدرات، من دون الاشارة الى موقف واضح من القرار 1559، باعتبار أنه لا قدرة لبنانية على تطبيقه، مع التأكيد أن لبنان يحترم هذا القرار، الذي يحتاج الى وقت بعيد الامد لتطبيقه، مستغربة كيف يكون الرد خارج اجتماع مجلس الوزراء، حيث لم يتم طرحه بسبب رفض حزب الله مناقشة الورقة الخليجية، اي اتى الرد بعد صياغة وافق عليها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة. ورأت المصادر انّ اللجوء الى هذه الطريقة لن يوصل الى حل الازمة مع دول الخليج، لانها لن ترضى بالغزل السياسي من خلال الاستعانة بكلمة ” اشقاء” لانها لم تعد تفيد، وبأنّ لبنان ملتزم بقرارات مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، والى ما هنالك من عبارات تتردّد دائماً ولا توصل الى الغرض المطلوب.
واشارت المصادر المذكورة الى أنّ الورقة الخليجية مُحرجة للدولة اللبنانية، خصوصاً انّ الازمة لم تعد عادية، وعلى لبنان ان يتحضّر للاسوأ، فالورقة تحمل رسالة مفادها:” لا ترّدوا علينا بالكلام المعسول كالعادة، لاننا ننتظر موقفاً لبنانياً واضحاً من ناحية عداء ايران لنا “، معتبرة بأنّ موقف لبنان يتجاوز قدرات الدولة، ويرتبط بإعتبارات اقليمية ودولية، وهنالك تداعيات كبيرة ومرتقبة على اللبنانيين ، لذا إنتظروا المفاجآت.