IMLebanon

مشاركة عربية في مؤتمر «الإتصال المُلتَزِم والمُلزِم»

 

في خضمّ التحدّيات التي تعصف بالجامعة اللبنانية أكاديمياً، مالياً، لوجستياً، والانهماك في تحصين مناعتها الداخلية حيال التجاذبات السياسية، الطائفية والحسابات الفئوية، أطلقَ أمس مركز الأبحاث في «اللبنانية»، بخُطى ثابتة، أعمالَ مؤتمره «الاتصال الملتزم/الملزم في ضوء التطوّرات التكنولوجية والاتصالية الراهنة – إشكاليته – آفاقه»، برعاية رئيس الجامعة البروفسور فؤاد أيوب، ووسط مشاركةٍ لباحثين من لبنان، الأردن، مصر، قطر، تونس، الجزائر، فلسطين، العراق وغيرها من الدول.

الفضاءات البديلة، مظاهر التحوّل في صناعة الرأي العام، الممارسات الإعلامية على الإنترنت، القوّة التأثيرية في الاتصال الملتزم، الحراكات الرقمية، تتنوّع المحاور التي يُعالجها المؤتمر وتتشعّب معها الإشكاليات المطروحة.

المُلتزم والمُلزم… كيف؟

ما المقصود بالإعلام المُلتَزم والمُلزم؟ تُجيب رئيسة مركز الأبحاث في كلية الإعلام الدكتورة نهوند القادري عيسى في حديث لـ«الجمهورية»: «مُقابل كلّ التزام هناك إلزام، على المستويات كافة، أي أنّ الصحافي الذي يتولّى قضية معيّنة هو يعمل ضِمن منظومة إعلامية اتّصالية لها مستلزماتها ومَنطقها تُلزمه من حيث لا يدري بأمور، وهذا الإلزام قد لا يكون ظاهرياً إنّما موجود، ربّما من خلال أخلاقيات وشروط محددة».

وتضيف: «إشكاليات الاتصال المُلتزم كبيرة ومتنوّعة، لها علاقة بالمجموعات نفسِها الملتزمة (أي الناشطين) بقضايا محدّدة، مِثل بنيتها هيكليتها، مشروعها، مَن يوجّهها؟ لهذه المجموعات الناشطة مشروع فعليّ أو مجرّد فُقّاعة وقتية موسمية وسرعان ما تزول؟».

وتُشير إلى أنه «لا يمكن تطوير الأساليب التعليمية ما لم نُطوّر أبحاثنا التي تشكّل الأرضية الصلبة والمنتِجة لمفاهيم جديدة ولآليات عمل تُواكب الأساليب الجديدة، من هنا أهمّية المؤتمر والأوراق البحثية التي تناقش والتي ستتحوّل إلى مجلّة علمية محكّمة».

محسن: المسؤولية كبيرة

مِن جهته، يَعتبر عميد المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية محمد محسن في حديث لـ«الجمهورية»، «أنّ أهمّية عقدِ المؤتمرات وتنفيذ الأبحاث العلمية تكمن في مدى مساهمتها في تطوير المجتمع وإيجاد الحلول لمشكلاته»، مشيراً إلى أنّ «مسؤولية كبيرة تقع على كاهل الكلّيات لتطوير مناهجها بما يتلاءم مع سوق العمل وروح العصر، خصوصاً في موضوع التكنولوجيا ودورها في المناهج التعليمية»، لافتاً إلى أنّ «استخدام السوشيل ميديا بات جزءًا لا يتجزّأ من الإعلام التقليدي كالتلفزيون والجرائد».

في التفاصيل

عند التاسعة قدّم المؤتمر د. راغب جابر، مرَحّباً بالحضور وموضحاً «أنّ هدف مركز الأبحاث إرساء ثقافة البحث في كلّية الإعلام، باعتبارها تشكّل أساسَ التقدّم، وهو يضمّ نواةً بحثية من الأساتذة المخضرمين والأساتذة الشباب الذين سيتولّون مسؤولية البحث في المستقبل».

وتحدّث منسّق المؤتمر د. غسان مراد مشيراً إلى أنه «لا يمكن أن تؤدّي الأبحاث الأكاديمية دوراً إلّا إذا كانت تتماشى مع التغيّرات الرقمية، آخذةً بالاعتبار سوق العمل، والعمل الذي بات بدوره مرقّماً».

أمّا عميد كلّية الإعلام د. جورج صدقة، فلفتَ إلى «أنّ أعمال المؤتمر تتمحوَر حول أحد جوانب الثورة الرقمية وتطبيقاتها، سعياً إلى المساهمة في فهمِ التغييرات التي تحملها هذه الثورة، لا سيّما على مستوى الاتصال»، وتوقّفَ عند مجموعة من الأسئلة المحورية: «هل عمَّقت الثورة الرقمية العلمية الاتصالية أو أدّت إلى تسطيحها؟ هل حقّقت الحرّية الموعودة أو أنّها تقود المجتمع إلى مزيد من الفوضى والرقابة؟ أين موقع كلّيات الإعلام من هذه التحوّلات؟».

وتحدث رئيس الجامعة البروفسور فؤاد أيوب، قائلاً: «وُجِد الإعلام ليُساهم في الوصول بالبشرية إلى برّ الأمان، وليوثّق عُرى التواصل بين الحضارات»، معتبراً أنّ «أمام الأكاديميين الإعلاميين والباحثين في الإعلام مهمّات صعبة، لا سيّما على مستوى تدريس الإعلام والبحث فيه، وهي التضافر والتكافل الأكاديمي والتشريعي لنصلَ إلى بيئة إعلامية نظيفة ومتحرّرة».

الجلسة الأولى

«الاتّصال الملتزم – الملزم: الفضاءات البديلة»، شكّلَ عنوان الجلسة الأولى التي رأسَها العميد صدقة، وتحدَّثت فيها د. نهوند القادري عن «الإلتزام في الفضاء الافتراضي – الحالة اللبنانية نموذجاً»، متوقّفةً عند التحوّلات الطارئة في معنى الالتزام، شكله، حدوده، وجهته، روّاده، شروط تحقّقه، أخلاقياته وتمظهراته في الفضاء الافتراضي اللبناني بهدف استكشاف إمكانية المجموعات النضالية المطلبية في تجديد ديناميات التبادل بين الأفراد ومحيطهم في ظلّ المفارقات المحيطة بمفهومي الاتصال والالتزام، ومدى استثمار هذه المجموعات للبعدين المعرفي والعاطفي في نشاطاتها المدنية والسياسية».

أمّا د. عبدالله الزين الحيدري من قطر، فتطرّقَ إلى «جدلية الضبط والاستقطاب في المجال العمومي الميدياتيكي الجديد: الإعلام الملتزم نموذجاً». فيما قدّمت د. جيهان فقيه ورقةً بحثية بعنوان: «الفضاء الافتراضي ومظاهر التحوّل في صناعة الرأي العام بين التفتّت والتجميع»، فتطرّقت إلى جملةِ إشكاليات منها مدى تأثير الفضاء الافتراضي في تشكيل الرأي العام داخل المجتمع وتحوّله، ومدى بثّه الكراهية الدينية والشائعات مقابل دوره في بثّ التسامح والسلام».

الجلسة الثانية

أمّا الجلسة الثانية بعنوان «الاتصال الملتزم: الفهم والتفسير»، أدارَها عميد المعهد العالي للعلوم الاجتماعية للدكتوراه محمد محسن، وضمّت د. كريمة سالمي من الجزائر التي تحدّثت عن «الاستراتيجيات الخطابية والقوّة التأثيرية في الاتصال الملتزم»، مشيرةً إلى أنّ «الاتصال تجاوَز مفهومه التقليدي، واقترَنت وظيفته ببناء تجربةٍ إنسانية واجتماعية مشتركة بين المتواصلين، وهي تتجلّى في الإعلام الملتزم الذي يتجسّد في مسعى نضالي يعمل القائمون عليه على إشراك الآخرين فيه وتحقيق الإلزام».

أمّا د. ابراهيم الموسوي فقدّم «نظريات التأثير الإعلامية التقليدية والنيوميديا»، متوقّفاً عند دور وسائل التواصل الاجتماعي في الانتخابات الأميركية وفوز دونالد ترامب». أمّا المداخلة الأخيرة فكانت للباحثة مي عبد الغني يوسف بعنوان «الصورة الإعلامية الفلسطينية في موقع إنستغرام»، قدّمها د. مراد لتعذّرِ الأخيرة عن المشاركة.

اليوم وغداً
يُذكر أنّ المؤتمر يواصل أعماله اليوم، ضِمن 3 جلسات: الأولى «إشكاليات الاتصال الملتزم: السياقات الاجتماعية والثقافية»، الثانية بعنوان «الاتصال الملتزم – الملزم: استخدامات ورهانات»، الثالثة «الاتصال الملتزم – الملزم: عمليات التعبئة والتسويق»، على أن يَختتم المؤتمر أعماله يوم غدٍ بجلستين: الأولى: «دور الاتصال الملتزم-الملزم: توجيه السياسات، والثانية: «الاتصال الملتزم: المجموعات المنظمة».