Site icon IMLebanon

تساؤلات عربية  حول الجدّية الأميركية!

مع بداية الشهر الثاني لبدء القصف الأميركي لمواقع «داعش» في سوريا والعراق، تكبر التساؤلات المشككة بجدّية «قيادة التحالف الدولي» في حربها ضد «تنظيم الدولة» تحت شعار محاربة الإرهاب!

لا غارات الطائرات الأميركية، المحمّلة بالصواريخ والقذائف الذكية، التي من المفترض أن لا تخطىء أهدافها،

 ولا عمليات القصف الجوي والبحري، التي تشارك فيها عشرات الدول، على مراكز تجمّع قوات «داعش» ومناطق تواجدها،

 ولا حتى صواريخ «التوماهوك» التي تطلقها القوات البحرية الأميركية باتجاه الأراضي التي تسيطر عليها «داعش» في شمال سوريا وشمال العراق…

كل تلك العمليات العسكرية الضخمة، والتي تكلّف مئات الملايين من الدولارات يومياً، لم تضعف تنظيم أبو بكر البغدادي، بل وأكثر من ذلك، لم تحل دون تقدّمه نحو «عين العرب»، واقتحام هذه القرية ذات الغالبية الكردية، رغم شراسة قوات «البشمركة» في الدفاع عنها، ومحاولاتهم المستميتة لصد هجمات القوات الداعشية على أكثر من محور على مداخلها!

هذه الصورة المريرة لمسيرة الحرب الدولية ضد «داعش» تطرح أكثر من علامة استفهام:

1 – هل الخطة العسكرية الأميركية الحالية قادرة على تحقيق أهداف التحالف الدولي بالقضاء على «داعش» أو على الأقل إضعافه والحد من تمدده شمالاً وجنوباً؟

2 – هل تكتفي القيادة الأميركية للتحالف الدولي بالغارات الجوية في حربها ضد داعش، أم هي حكماً بحاجة إلى قوات برية على الأرض لخوض المعارك المباشرة مع مسلحي هذا التنظيم الملتبس، الهوية والأهداف؟

3 – لماذا الإصرار على رفض الشروط التركية لخوض الحرب البرية، في الوقت الذي لا تبذل فيه القيادة الأميركية أي جهد لتشكيل قوات برية مشتركة من دول التحالف الدولية؟

* * *

من الواضح أن الخطة الأميركية ما زالت بعيدة عن تحقيق أهدافها، بدليل أن قوات داعش تتقدّم على الأرض، والإدارة الأميركية تستنفر الحلفاء في مؤتمر عاجل ينعقد في واشنطن للبحث في الخطط والتكتيكات الواجب اعتمادها في الحرب ضد الإرهاب!

ومثل هذا الأمر ليس مفاجئاً لأحد، خاصة بالنسبة للبنتاغون الذي كشف أن طياريه يقومون بغارات في الأراضي السورية والعراقية، على طريقة «يا رب تجي بعينو»، لعدم وجود قوات برية على الأرض، تساعد في تحديد إحداثيات الأهداف العسكرية، وتحدّد مواقع الأهداف المُراد قصفها بدقة أكثر.

وهذا يعني، بكل بساطة، أن القيادة الأميركية لم تُكلّف خاطرها بإيجاد شبكات استخباراتية على الأرض، توفّر المعلومات الضرورية لطائرات التحالف، لتفعيل غاراتها.

وقياساً على تجربة حلف الأطلسي في الحرب الليبية، فإن أكثر من سبعة أشهر من القصف الجوي والبحري اليومي على مواقع كتائب القذافي، لم تستطع تغيير المعادلة العسكرية على الأرض، وإجبار القذافي على الرحيل!

وعندما قررت قيادة الأطلسي إرسال فريق من الخبراء العسكريين، وبعض وحدات الاستقصاء والمخابرات، مع كامل المعدات الالكترونية المتطورة، تمكن الثوار من تحديد خط تحرّك القذافي ومجموعته، وملاحقته، والتمكن منه قبل أن يتمكن من الهرب إلى النيجر!

السؤال: لماذا لا تستعين القيادة الأميركية بمثل هذه التكتيكات لتسريع خطى المجابهة مع داعش؟ أم تُرى أن المطلوب استمرار النزف البشري والمالي في هذه الحرب لثلاث سنوات أخرى، على حد ما يكرره الرئيس الأميركي باراك أوباما وكبار مساعديه..؟!

 * * *

أصبح معروفاً أن الشروط التركية لخوض الحرب البرية، هدفها قطع الطريق على إيران للاستفادة من نتائج الحرب على «داعش»، وتجيير المكاسب السياسية لمصلحة النظام في سوريا، من دون التعهد بالسير بحل سياسي يُنهي الحرب السورية، في حال استمرار التردد الأميركي في تسليح المعارضة، وإعادة التعادل على الأرض بين النظام ومعارضيه، بهدف فتح أبواب التسوية السياسية.

ولكن، ماذا لو استمرت تركيا أردوغان على شروطها، ولم تتجاوب الإدارة الأميركية معها؟ ألم يعد من الممكن تشكيل قوات برية مشتركة من دول التحالف الدولي، للاضطلاع بالمهام اللازمة لوقف تمدد «داعش» أولاً، ثم للعمل على إنهاء هذه المواجهة الدامية في أسرع وقت ممكن؟

 تساؤلات، من حق كل عربي أن يطرحها على مسمع من الأميركيين، وبقية الحلفاء، في أجواء من الشك والقلق، وهو يرى ثرواته تتبخر على إيقاع قذائف وصواريخ لا تحقق الأهداف المرجوة، وطاقات عربية تُستنزف في حروب عبثية مديدة، يمكن حسمها في أيام معدودة، فضلاً عن المآسي والويلات التي ستخلفها المعارك الدونكيشوتية من ضحايا وخراب للبشر والحجر، بالإضافة إلى تهجير الملايين من بيوتهم وأوطانهم، وحشرهم في مخيمات البؤس والقهر والفقر!