السادس عشر من كانون الثاني ٢٠١٦، كان يوماً عادياً في الروزنامة، لكنه كان يوماً غير عادي في تاريخ الصراعات الدولية والاقليمية… ففي هذا اليوم تم رفع العقوبات عن ايران في شأن ملفها النووي من قبل ثلاث مرجعيات: مجلس الأمن، والولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، وهي المرجعيات التي تختزل الهيمنة على العالم! هذه الخاتمة السعيدة للأطراف كافة، كانت هي الخيار الأخير لتلك القوى وحلفائها في العالم والتي ناصبت ايران العداء منذ قيام ثورتها التي أسقطت حكم الشاه الحليف الأعظم للغرب في المنطقة! وكانت تلك القوى الدولية ترغب في اخضاع ايران الثورة بالقوة العسكرية أولاً وأخيراً، غير أن الحسابات الغربية وجدت أن السلوك الايراني جعل من هذا الخيار مهمة صعبة ومعقدة بما يجعل أية حرب ضد النظام الايراني الجديد تحدث أضراراً فادحة، ليس على ايران وحدها، بل وعلى العالم الغربي برمته. ولهذا السبب تمت الاستعاضة عن الحرب العسكرية بالحرب الاقتصادية الشاملة، على اعتبار ان الحلول السلمية عن طريق التفاوض لم تكن واردة في القاموس الغربي. وعندما لم تفلح هذه الحرب الثانية، كان لا بد من العقلية البراغماتية أن تفرض منطقها على الجميع أخيراً.
***
حسابات الربح والخسارة في الملف النووي الايراني، وما آلَ اليه برفع العقوبات الدولية، يعني ايران والغرب بالدرجة الأولى. وما ينبغي أن نهتم له هو آثار ذلك الاتفاق النووي علينا نحن العرب بالدرجة الأولى. وبنظرة عامة الى المنطقة، يتبين ان لكل دولة من الدول الاقليمية الكبرى استراتيجيتها الخاصة. وتركيا هي صاحبة أحدث الاستراتيجيات الطارئة على المنطقة، وتجسدت بمحاولاتها المتكررة والفاشلة ب أخونة الأنظمة العربية والاسلامية، ولا تزال تحاول. وأقدمها الاستراتيجية الصهيونية الهادفة الى تفتيت دول المنطقة الى كيانات طائفية وعرقية بعد ضرب جيوشها واستنزافها بما يقود الى فرط الأنظمة. أما ايران ما بعد الثورة فتابعت استراتيجيتها في التمدد وبناء قوة اقليمية رديفة للدولة الأم بالواسطة. ويبقى العرب وحدهم بدون استراتيجية موحدة خاصة بهم، ولا حتى مع استراتيجية واضحة لأية دولة عربية أخرى… الا اذا كانت الحروب العربية – العربية المعلنة والمستترة هي الاستراتيجية المتوخاة!
***
… وملاحظة أخيرة: هل هي مجرد صدفة أن يصل سعر النفط الى أدنى مستوياته في اليوم ذاته الذي أعلن فيه عن رفع العقوبات عن ايران؟! –