IMLebanon

الغطاء العربي والدولي يمنع الإنهيار… ويلجم الإنفجار؟

 

 

 

يواصل حكّام لبنان مسيرة فشلهم في تأليف حكومة جديدة، ما يجعل البلاد مُشرّعة على كل الإحتمالات ويُفقدها فرص النجاة من حتمية “جهنم” التي يعيشها الشعب، وتتجلّى فصولها الأخيرة بطوابير الإنتظار أمام محطات الوقود وعلى أبواب المستشفيات والصيدليات… والآتي أعظم.

 

فَقَدَ المجتمع الدولي ثقته بالمسؤولين، وهذا الأمر عبّر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صاحب المبادرة الإنقاذية الشهيرة التي أفشلتها الطبقة السياسية، وكذلك حكّام العالم الذين يرسلون المساعدات من دون أن تمرّ بالجهات الرسمية اللبنانية.

 

وفي السياق، فإن كل الجهود التي بُذلت لتأليف حكومة جديدة ذهبت أدراج الرياح، بسبب عدم وجود “عصا” إقليمية أو دولية ضاغطة، ولأن الصراع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصهره رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل و”جوقته” من جهة، والرئيس المكلّف سعد الحريري ومن يؤازره و”يشد ركابه” ويتمسّك بـ “لبن عصفوره” من جهة أخرى، آخذ بالتصاعد وكأن البلاد ليست في ورطة حقيقية. ويتّفق من يعمل على الملف الحكومي أن لا حكومة في المدى المنظور، والخطورة أن يذهب كل عهد الرئيس عون بلا حكومة، وبالتالي فإن فرص النجاة من الإنهيار تصبح أصعب.

 

وعلى رغم الغضب الدولي على حكّام لبنان، إلا أن هناك غطاءً عربياً ودولياً لا يزال موضوعاً ويمنع هذا البلد من الإنهيار، فالمسلّمات الدولية واضحة وهي أنه لا وجود لمساعدات من دون القيام بإصلاحات جذرية وحقيقية، لكن هذا الأمر لا يمنع بعض الدول من تقديم “الأوكسيجين” للبقاء على قيد الحياة.

 

من هنا، تؤكّد مصادر ديبلوماسية أنه على رغم اللامبالاة السعودية والخليجية بالملف اللبناني، إلا أن الرياض لا تزال تراقب الوضع عن كثب، ولا تريد أن يذهب البلد إلى المجهول، لكن غضبها على كل الطبقة السياسية يمنعها من مدّ يد العون. وفي المقابل فإن مصر وجامعة الدول العربية تتابعان الوضع اللبناني، وقد زار وزير الخارجية المصري سامح شكري لبنان منذ مدّة، وأبلغ المسؤولين رسالة واضحة وهي: “إفعلوا أي شيء لإنقاذ الوضع ونحن معكم”. أما بالنسبة إلى الدول الفاعلة، فتوضح المصادر الديبلوماسية أن الولايات المتحدة الأميركية ودول الإتحاد الأوروبي وروسيا مهتمة كلها بالوضع اللبناني وتخاف من الإنفجار الكبير، من هنا فإن لكل دولة مصالحها وتعمل وفق طريقتها الخاصة. وتشير المصادر إلى أن موسكو من العواصم التي يهمّها الوضع اللبناني، لذلك تكثّف اللقاءات مع المسؤولين بغية حثّهم على تأليف الحكومة لأن إنفجار لبنان يعني تمدّد النيران إلى سوريا وكل المنطقة، لكن حتى الساعة لا توجد أي مبادرة أو تحرّك روسي كامل متكامل، بل يقتصر الأمر على المحاولات المتكررة.

 

وبالنسبة إلى دول الإتحاد الاوروبي، فان إنفجار الوضع يعني تهديد كل دول حوض البحر المتوسط، لذلك فإن ألمانيا تُعتبر أكثر المتحرّكين على الساحة اللبنانية بعد فرنسا لترتيب الأوضاع، وما يدلّ على الإهتمام الأوروبي بلبنان بغضّ النظر عن الملف الأمني، هو طرح الألمان مشروعاً إستثمارياً ضخماً يتعلّق بإعادة إحياء مرفأ بيروت، لكن كل تلك المشاريع مرتبطة بتأليف حكومة والمباشرة بإصلاحات جذرية. ويظهر جلياً الإهتمام الفرنسي بلبنان من خلال المؤتمر المنوي عقده لدعم الجيش اللبناني نظراً إلى أن هذه المؤسسة تشكّل مدماك الأمن والأمان، وانهيارها سيؤدي إلى كوارث. أما واشنطن فتُعتبر الدولة ذات النفوذ الأكبر في لبنان، لذلك فهي تراقب الوضع بحذر وتتدخل ساعة تدعو الحاجة، وإذا كانت معركتها الأساسية كبح جناح “حزب الله” إلا أنها لا تتوانى عن دعم الجيش اللبناني الذي يمثّل الشرعية، وتُعتبر خطوة من هذا النوع دليلاً قاطعاً على أن الغضب على حكّام لبنان لا ينسحب على المؤسسات الفاعلة التي تُبقي البلد واقفاً على رجليه.