ما يحدث اليوم في البلدان العربية خطط له من زمان، ولعلنا نجد جذوره في كتاب أصدره وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في العام ١٩٧٥ وباختصار فإنّه بعد «حرب تشرين» في العام ١٩٧٣ كان ثمة قرار عنوانه الأساس: حماية إسرائيل.
إنطلاقاً من ذلك جاؤوا بآية الله الخميني الى زعامة إيران وإقامة دولة ولاية الفقيه بهدف تنفيذ الفتنة الشيعية – السنّية في هذه المنطقة من العالم. وفعلاً، بدأت الفتنة بالحرب الايرانية – الفارسية على العراق التي امتدت ٨ سنوات استُهلك خلالها البلدان وتكبدا خسائر هائلة في الأرواح والماديات.
ثم تحوّلت المنطقة الى حال من الفوضى كانت لا تزال مضبوطة في حضور مجموعة من القيادات العربية ذات الدور والحضور.
الى أن احتل صدّام حسين الكويت في شهر اب من العام ١٩٩٠، وجاء الاميركي الى المنطقة واستمر على امتداد ١٣ سنة يحضّر لغزو العراق الذي تم فعلاً في العام ٢٠٠٣… علماً أنه لولا الملك فهد بن عبدالعزيز لما رجعت الكويت الى الكويتيين.
تلك كانت المرحلة الأولى.
أما المرحلة الثانية والأخطر فبدأت في العام ٢٠٠٠ بوفاة الرئيس السوري حافظ الأسد الذي لو كان على قَيْد الحياة لما وقعت أحداث خطيرة وبالذات لما حدث في سوريا ما تشهده منذ العام ٢٠١١ حتى اليوم.
ثم غيّبت قيادة مصر عن الساحة بانكفاء حسني مبارك الى شرم الشيخ في شبه عزل للذات و… لدور مصر!
وكان قد توفي رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العام ٢٠٠٣، وكان من القيادات صاحبة القرار الفاعل والكلمة المسموعة إقليمياً ودولياً.
ولاحقاً مرض خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ما أدّى الى ضمور في الدور السعودي القيادي(…).
وعليه، فإنّ ما يجري اليوم من ضياع وفقدان توازن في البلدان العربية هو نتيجة حتمية (منطقية) لتلك العلامات الفارقة التي أصابت العالم العربي وأفقدته الكثير من مناعته.
ويمكن أن نستلخص، بكل بساطة، أنّه لو كان حافظ الأسد على قَيْد الحياة لما حدث في سوريا ما حدث ويحدث فيها من مآسٍ وفواجع.
ولو كان الملك فهد موجوداً لما احتل الاميركيون العراق.
ولو كان الدور المصري فاعلاً لما أصاب ليبيا ما أصابها ويصيبها، بل يمكن القول لما كانت الأحداث قد تمدّدت من مصر الى سوريا فالعراق فاليمن.
وتلك هي أقدار الأمم والشعوب.