الأسد لم ينفِّذ التزاماته، وأحبط المراهنين على عودته إلى الصف العربي
يطرح على جوانب القمة العربية الخميس المقبل في العاصمة البحرينية المنامة، ما اسفرت عنه مسألة إعادة سوريا الى مقعد الجامعة العربية منذ القمة السابقة، ومشاركة الرئيس السوري بشار الاسد فيها، تحت عنوان « اعادة سوريا الى الحضن العربي» بعد مقاطعة استمرت لاثنتي عشرة عاما، جراء ممارسات النظام السوري، في قمع وقتل الشعب السوري وتهجير الملايين منه خارج بلادهم، واستباحة سوريا امام ايران ومليشياتها المذهبية.
كانت حجة الدول الداعمة لعودة سوريا الى الجامعة العربية، اعطاء فرصة لرئيس النظام السوري، لبدء صفحة جديدة ومساعدته لحل الأزمة المتفاقمة، التي تسببت بها سياساته الدموية بالتعاطي مع الشعب السوري، واخراجه وسوريا من هيمنة ايران، التي شاركت ومليشياتها المذهبية بقتل وتهجير السوريين، وتغيير ممنهج في تركيبة سوريا الديموغرافية.
جملة شروط وضعت لاقناع الدول العربية المعارضة لإعادة تعويم بشار الاسد، وتطبيع علاقاته العربية ومواجهة اعتراض المجتمع الدولي عليه، والتي سميت يومها، خطوة مقابل خطوة، لاستكمال عملية التطبيع مستقبلا، وحددت ما هو مطلوب من الاسد ونظامه لتحقيق ذلك، وابرزها استكمال تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي رقم ٢٢٢٥، لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية مع المعارضة، وإجراء تعديلات دستورية لمشاركة المعارضة بالسلطة، ووضع برنامج لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، ومكافحة عمليات تصنيع المخدرات وتهريبها إلى الخارج ولاسيما الدول المجاورة والخليج العربي، وفك ارتباط سوريا بإيران وإنهاء الوجود العسكري الايراني والمليشيات المذهبية الايرانية ولاسيما منها حزب الله.
منذ مشاركته في القمة العربية السابقة في المملكة العربية السعودية، وبالرغم من كل الحوافز التي قدمت له، وتجاوز الاعتراضات العربية على دعوته، ألقى الاسد خطابا في القمة، أقل ما يقال فيه أنه منفصم عن الواقع، وجاحد، ومتعجرف ولم يُلاقِ خطوة التقارب بمثلها، وبقي يغرد خارج السرب العربي.
ما بين قمة الرياض السابقة وقمة الدوحة الحالية، مسار طويل وحافل، عربيا واقليميا، ونشوب حروب ثانوية في الدول المجاورة، على جوانب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة. لم يبادر نظام الاسد بتنفيذ اي خطوة من خطوات التطبيع مع العالم العربي، او حتى القيام بأي جهد متواضع لإظهار حد ادنى من التجاوب والالتزام بتنفيذ ما تعهد به في الاجتماعات الجانبية بالقمة. بل أمعن في تجاهل ما تم الاتفاق عليه، والانقلاب عليه واكد ما يعرف عنه، بأنه لا يلتزم بتعهداته، ولا بأقواله ووعوده. فهو لم يَعِر المصالحة الوطنية اي اهتمام، وزادت عمليات تهجير السوريين بشكل ملحوظ الى لبنان والخارج، بينما نشطت صناعة وتهريب المخدرات اكثر من السابق، في حين اظهرت وقائع الغارات الجويّة الإسرائيلية المتتالية على الاراضي السوريةمؤخرا، توسُّع النفوذ الايراني وترسيخ الانتشار العسكري والمليشاوي التابع لها اكثر من السابق، ما زاد من تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا الى الأسوأ.
لن تكون مشاركة الاسد في قمة المنامة المرتقبة، بنفس بريق مشاركته بقمة الرياض السابقة، ولن يلقى الترحيب الذي قوبل به يومذاك. سيتباهى الذين اعترضوا على دعوته للمشاركة بالقمة بتوقعاتهم ومواقفهم الصائبة، ويُبدي الذين شجعوا ودعموا هذه المشاركة، اسفهم وخيبة املهم على رهاناتهم الخاطئة.
في النتيجة، مشاركة الاسد بالقمة هذه المرة باهتة ومحبطة، لكل الامال والتوقعات، بل عودة الى الوراء بكل ما للكلمة من معنى، ويصح القول فيها بأنها حققت عكس مقولة «اعادة سوريا الى الحضن العربي»، بشعار «عودة الاسد إلى القمة، وبقاء سوريا في الحضن الايراني».
