مضحكة ـ مبكية كلمة رئيس حكومة تصريف الأعمال في القمّة العربيّة الحادية والثّلاثين المنعقدة في الجزائر، مضحكة ـ مبكية كدموعه التي ترقرقت في عينيه وهو يحدّثنا عن الأمّ اللبنانيّة التي لا تجد “حبّة الأسبرو”، مضحكة ـ مبكيّة كلمته عمليّاً هي “مناحة” تسوّل وتوسّل يعرف هو قبل الجميع أنّ هذا التّباكي لم يعد ينطلي على العرب، وأنّ العرب أنفسهم تغيّروا ولم تعد تجدي معهم لغة التّخاطب الخشبيّة، ولم يعد ينطلي عليهم الكذب اللبناني وهو يحدّثهم عن “العروبة” ويتباكى عليها فيما لبنان الرّسمي في القمة يعترض على وصف حزب الله بالإرهابي لتدخّله في شؤون هذه الدّول ومعاناتها مع تحوّله لمنصّة تصدير إرهاب إيران لزعزعة استقرارها وتهريب الكبتاغون لتدمير مجتمعاتها، بل ويطالب العرب بحذفها من بيانهم بحجّة أنّ الأمم المتحدّة لم تصنّف بعد حزب الله كتنظيم إرهابي!!
مضحكة ـ مبكية كلمة لبنان الرّسمي، مخجلة جدّاً كلمة رئيس تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كلمة تستدعي أن يُقال عنها “يا عيب الشّوم” على هذا الإصرار على الكذب عميقاً على الدّول العربيّة وعلى دفن الرأس في رمال الخداع والغشّ وإدارة الظّهر والوجه عن حقيقة سيطرة إيران على لبنان وتحكّمها بكلّ مفاصله من رئاسة الجمهوريّة إلى اتّفاقية ترسيم الحدود البحريّة مع العدوّ الإسرائيلي وبحكومة نجيب ميقاتي نفسه “الملياردير” الذي لم يستحِ وهو يتسوّل مال العرب فيما طرابلس مدينته تموت من الفقر والجوع والحاجة، لم يخجل من الوقوف متباكياً وهو يقول “بلدي لبنان”. وقف يتباكى أمام العرب على لبنان الذي تغيّر ويعبث بمشاعرهم مستغبياً عقولهم بلغته الإنشائيّة الفاشلة “أن لبنان الذي تعرفونه قد تغيّر…نعم قد تغيّر. المنارة المشرقة انطفأت، والمرفأ الذي كان يعتبر باب الشرق انفجر، والمطار الذي يعتبر منصة للتلاقي تنطفئ فيه الانوار لعدم وجود المحروقات”، مخجلٌ جدّاً ما قاله ميقاتي من الذي أطفأ المنارة وعتّم البلد ومدنه وقراه وشوارعه، من الذي يمارس النّهب المنظّم منذ أكثر من أربعين عاماً؟ من الذي مصّ دماء البلد وسرق جنى عمر الشعب؟ من الذي فجّر المرفأ؟ من الذي يعرقل التحقيق في هذه الجريمة؟ من الذي يتحكّم بالمطار أمنيّاً ويعرّض أمن طريقه للخطر ويصيب الطائرات بالرصاص؟ كم مرّة على العرب أن يدفعوا لإعادة إعمار لبنان وآخر مرّة كانت عام 2006 بعد حرب تموز التي ورّط حزب الله لبنان فيها، هل تناسى نجيب ميقاتي الإساءة التي تعرّضت لها السعوديّة والإمارات على لسان شريكه في دمشق “بشّار الجزّار” يوم خرج يستثمر على دماء اللبنانيّين وخراب وطنهم مهاجماً الحكام العرب واصفاً إيّاهم بـ “أشباه الرّجال”، هل هذا هو مستوى تمثيل لبنان السياسي والأخلاقي والإنساني والحضاري في القمّة العربيّة؟!
نعم “نحن في دولة تعاني اقتصادياً وحياتياً واجتماعياً وبيئياً” لأنّكم كنتم وما تزالون تنهبونها وتسرقون مقدّراتها وتسمسرون على الصفقات. العالم كلّه يعرف أنّكم فاسدون حتى العظم، نعم نحن “غير قادرين على الاستمرار في استضافة ديموغرافيا عربية باتت تقارب نصف الشعب اللبناني” ولكن لأنّكم لا تريدون إعادتهم إلى بلدهم مع أنّ الحرب انتهت في ديارهم لأنّكم تطمعون في أموال الأمم المتّحدة بل وبكلّ وقاحة تريدون أن تدفع الأمم المتحدة للمواطن اللبناني كما تدفع للاجئ السوري، تريدون أن تحوّلونا إلى لاجئين في أرضنا، لا تشحذوا عليهم وعلينا أعيدوهم إلى بلادهم فقد حان وقت ذلك لأنّ لبنان لم يعد قادراً على احتمال هذا العبء، لو كنتم صادقين لطالبتم القمّة العربيّة أن تنقلهم إلى المساحات الشاسعة في دول عربيّة كثيرة لتخفيف الحمل عن ظهر لبنان، لقد نكبنا وحملنا أثقال وحروب القضية الفلسطينيّة ومجدّداً يتم تحميلنا عبء اللجوء السّوري، اكتفينا من هذا التكاذب والتسوّل باسم “عروبة” ماتت وشبعت موتاً ولا تُحمّل أوزارها إلا للبنان وشعبه!!