مع بدء العدّ العكسي لموعد القمة العربية المقرّر عقدها في المملكة العربية السعودية في 19 أيار المقبل، تتسارع التطورات على صعيد العلاقات العربية والخليجية مع سوريا، حيث يرى مصدر وزاري سابق، أن تطوّر هذه العلاقات قد بات محسوماً، وفق مسارٍ سياسي لا يأخذ في الإعتبار كل ما وصفه هذا المصدر بـ«الإنذارات» الأميركية الموجّهة إلى دول الخليج، وفي مقدّمها السعودية، إعتراضاً على التوجّه نحو الإنفتاح على دمشق، والذي بدأت ترجمته بشكلٍ جدي من خلال الزيارات الديبلوماسية المتبادلة بين مسؤولين سوريين وديبلوماسيين خليجيين، تمهيداً لتكريس هذا المسار الإنفتاحي في الأسابيع القليلة المقبلة.
وإزاء هذا الواقع العربي المستجدّ، يلاحظ المصدر الوزاري السابق، أنه ليس من قبيل الصدفة أن يتزامن التلويح الأميركي بقانون «قيصر» ضد الدول العربية التي تستعيد العلاقات الديبلوماسية مع سوريا، مع تصعيد وتهديد «إسرائيلي» ضد كل من لبنان وسوريا، كما الداخل الفلسطيني، مشيراً إلى أن كل الرسائل الأميركية الديبلوماسية والسياسية، وأيضاً التهديد «الإسرائيلي» والإعتداءات في المنطقة، لن تنجح في التأثير على مناخ الإنفتاح السعودي الذي تكرّس بشكلٍ كبير في الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق منذ يومين، وتسليم الرئيس السوري بشار الأسد دعوةً إلى القمة، في خطوةٍ استباقية من حيث المضمون والتوقيت، للقمة العربية في المملكة في شهر أيار المقبل.
لكن المصدر الوزاري السابق، قد لفت إلى أن هذه الزيارة قد تطرّقت إلى المباحثات التي جرت في اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد أخيراً في السعودية، وعلى وجه الخصوص، عنوان عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية من جهة، كما الإعداد للإجتماع الثاني لوزراء الخارجية المرتقب عقده في الأردن قريباً. وبالتالي، فإن الجهود مستمرة من قبل الرياض، لتأمين كل ظروف النجاح للقمة العربية على أراضيها، بمعزلٍ عن الموقف الأميركي المعترض، والذي يتدرّج في السلبية منذ أشهرٍ ضد الدول الخليجية، وهذا على خلفية الموقف من الحرب في أوكرانيا بشكلٍ خاص، ثم الإنفتاح على سوريا حالياً.
ومن الحتمي أن تكون لهذه التطورات تأثيرات واضحة على المشهد في المنطقة، كما على المشهد اللبناني، وفق ما يكشف المصدر الوزاري السابق، الذي يتوقّع المزيد من الخطوات التي سوف ترسم معادلةً عربية وإقليمية مختلفة، تكرّس واقعاً جديداً من العلاقات مع كل الأطراف، ومن بينها بالطبع الأطراف السياسية اللبنانية، بحيث يبدو واضحاً أنّ المملكة ما عادت تتعاطى مع هذه الأطراف وفق القواعد السابقة، وذلك من دون التمييز بين فريقٍ سياسي وآخر.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإن المصدر نفسه، يتحدث عن معادلة ديبلوماسية قيد الإعداد، ولكنه يكشف أن أي صيغة للتعاون مع لبنان لم تتبلور بعد، وإن كانت القمة العربية المقبلة الموعد لمقاربة هذا الملف، تمهيداً لفتح صفحة جديدة من العلاقات في كل المجالات.