هل نفتقد في هذه الأيام لسماحة الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر، هذا القائد المسلم الصحيح والعروبي الحقيقي واللبناني الصميم الذي يؤمن بالمقاومة الشريفة كونها أحد العناصر البارزة من عناصر حماية لبنان.
كان سماحته يؤمن بحصرية عمل المقاومة ضد العدو الإسرائيلي ولم يشأها متدخلة في الصراع اللبناني خصوصاً وأنّه في منطلقه رجل حوار وأحد كبار الذين سعوا الى الوفاق اللبناني.
إذاً لقد أرادها مقاومة ضد إسرائيل تدافع عن اللبنانيين كلهم مهما كانت إنتماءاتهم وطوائفهم…
ويحضرني في هذه الأيام المضطربة يوم دعا سماحته الى مؤتمر وطني يضم رؤساء الطوائف والزعامات والقيادات لتجنيب لبنان خطر الحروب والإضطرابات وتداعيات الطائفية البغضاء.
فعلاً كما أننا نحتاج الى أمثال سماحة الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر، ردّ الله غربته ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والزميل عباس بدر الدين.
بالمناسبة ولأن الشيء بالشيء يذكر تناهى إليّ كتاب لمؤلفه «كاي بيردز» يحمل عنوان «The Good spies» ولفتني فيه أنّ مسؤول مكتب المخابرات الأميركية الذي كان يعمل في لبنان في مرحلة ما بعد تغييب الإمام الصدر في ليبيا، تقرّب من القيادي الفلسطيني أبو حسن سلامة، وأقام معه صداقة.
لاحقاً طلبت منه إدارته في واشنطن الوصول الى أبو عمّار فعرض على أبو حسن سلامة 700.000 دولار ليحقق له التواصل مع أبو عمّار، على الأثر توجّه سلامة الى ياسر عرفات، وأخبره بهذا الطلب، فكان جواب «الختيار» إقبل هذا العرض، لأنّه في النتيجة إعتراف من الولايات المتحدة الأميركية بالمقاومة الفلسطينية، وقد تبيّـن أنّ الهدف من ذلك كله هو أن يعرف الأميركيون لماذا وكيف اختفى موسى الصدر في ليبيا.
وبموجب الكتاب فقد أدت الإتصالات مع عرفات الى أنّ الإمام الخميني (الذي كان لا يزال في المنفى)، كان يخاف من الإمام موسى الصدر ويخشى نفوذه، ذلك أنّه كان في إيران فريقان، فريق جماعة موسى الصدر وهم حرصاء على أطيب العلاقات مع العرب، وفريق الخميني الذين يريدون إحياء الإمبراطورية الفارسية ويلتزمون قضية ولاية الفقيه…
ويذكر أنّه في بداية انتصار الثورة الإيرانية فإنّ الذين تسلموا الحكم كانوا جماعة السيّد موسى الصدر.
استخلصت هذه الرواية الواردة في الكتاب المذكور أعلاه، إنطلاقاً من ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، والخطاب الوطني المهم الذي ألقاه أمس في النبطية الرئيس نبيه بري، والذي كان كالعادة ينضح بالوطنية الصادقة وبالإلتزام بخط الإمام الصدر.