IMLebanon

العرب و»المسجد الأقصى» و»كوباني»!!

إقفال إسرائيل بالأمس «المسجد الأقصى» في القدس الشريف هو «جسّ نبض» لتقيس ردود الفعل في العالمين العربي والإسلامي، وإن كان هناك من سيتحرك في وجه جريمتها، ولكن لم نسمع حسّاً ولا همساً، بعدما يئسنا من أن نسمع صوتاً!! ومن واجبنا أن نُحذّر من «نكبةً» جديدة ستكون هذه المرّة مقدسيّة بعدما أصدرت إسرائيل مجموعة قوانين تمكّنها من مصادرة أو هدم منازل المقدسيّين استعداداً لتهجيرهم من أرضهم وبيوتهم، التي تزرع فيها «المستوطنين»، كلّ هذا يجري في ظلّ مشهد «داعشيّ» يتلهّى به العالم العربي، ويستخدمه الإعلام العربي للتعمية على ما يحدث في القدس!!

فعلى سبيل المثال «قناة العربيّة» و»الحدث» هواؤهما مفتوح ليل نهار للحديث عن «كوباني» و»عين العرب» وعدد «البشمركة» الذين مرّوا من تركيا، فها إنقاذ «كوباني» أهمّ بكثير من «إغلاق» إسرائيل للمسجد الأقصى الذي لم يُرفع فيه أذان بالأمس منذ الفجر، إلا بعد أن أعادت إسرائيل  فتحه، فرُفع فيه أذان العشاء؟!

ويتعلّق الأمر هنا بـ»التخاذل» و»الترهّل» العربي الذي سيضيّع القدس والمسجد الأقصى، مثلما تولّى إضاعة فلسطين، فهل تستطيع الدول العربية «النائمة» أن تواجه غضب شعوبها، أم أنّنا سنبقى نتلهّى بالتحالف الدولي ضد «داعش» المصنوعة خصيصاً لتكون غطاء لإسرائيل؟!

وبكل أسف وأسى نقول: العرب ما زالوا غارقين في الصمت والكيديّة والقبليّة، ومهزلة «ديموقراطيّة الخناجر»، بدلاً من يقظة تتمسّك بالقدس، نراهم يتركونها صيداً سهلاً لليهود، والعرب النائمون، إن بعثوا من رقدة أهل الكهف، فماذا سيفعلون؟! فهؤلاء إن فكروا اختلفوا، وإن اختلفوا أجمعوا على أن لا يتفقوا، أو إن فكروا عجزوا عن أن يقرروا، قد يحتاجون  إلى ربع قرنٍ للوصول إلى قرار في شأن المسجد الأقصى، فيما تهويد القدس تضع إسرائيل في اعتبارها أن تنجزه في نصف عقد من الزمن، ستهدم البيوت وتطرد السكان المرابطين المانعين للتهويد؟!

بكلّ أسف، لم يبقَ للقدس إلا أغنية، ما زالت منذ العام 1967 ترندح في البال صوت فيروز: «يا صوتي ضلك طاير.. زوبع بهالضماير.. خبرهن عاللي صاير.. بلكي بيوعى الضمير»… وبكلّ أسف قد نكتشف على عتبة «نكبة جديدة» أننا كما العالم «بلا ضمير»!! أما للأقصى في أمسه بين الحكّام العرب كالسلطان نور الدين محمود يقول:»كيف أضحك والأقصى أسير، أما من حاكم عربيّ يغضب لله وحرمة وحرم القدس، ويتذكر فيها قول عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، «بيت المقدس بنته الأنبياء وعمرته الأنبياء وما فيه موضع إلا وقام عليه ملك أو سجد عليه ملك»، أليس فيهم حاكماً واحداً كالسلطان العثماني عبد الحميد الثاني يقول: «هذه الأرض حرّرها آبائي وأجدادي بدمائهم ولا املك التفريط فيها وإلا اعتبر ذلك خيانة «!!

حزينة أنا، وغاضبة، أتمنى كلّ يوم أن يتّخذ الحكّام العرب قراراً تاريخياً بالسماح بشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى، هذا القرار وحده سيحمي القدس وأهلها، حان الوقت ليقرأ العرب «رسالة من المسجد الأقصى «[شعر: عبد الغني التميمي»:

«أرسَلَ الأقصى خِطاباً فيه لومٌ واشتِياقْ

قالَ لي وَهْوَ يعاني

مِنْ هَوانٍ لا يُطاقْ:

حَدِّثِ الأمّةَ عنّي

بَلِّغِ الأمّةَ أنّي

عيلَ صبري بين أسرٍ واحتِراقْ

هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي

مِنْ رُواقٍ لرُواقْ

أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا

وصفيراً ودَنَايا وسُفورا

دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا

فأنا ? اليومَ ? أُعاني

بل أُعاني منذُ دهرٍ

أَلَمَ القهرِ أسيرا

لَمْ يَزَلْ قيديَ مشدودَ الوَثاقْ

أَوَ ما يَكفي نِفاقاً؟

ضِقْتُ من هذا النّفاقْ

أرسِلوا ليْ من صلاحِ الدّينِ خيلاً

أرسِلوها من حِمى الشّامِ وَنَجْدٍ

مِنْ سرايا جيشِ مِصرٍ، أوْ عَرانينِ العِراقْ

تنشُرُ الهيبةَ للإسلامِ بالدّمِّ المُراقْ

منذُ دهرٍ لم تزُرنيْ هذِهِ الخيل العتاق»