Site icon IMLebanon

العرب – إيران بعد العقوبات والمظلة الأميركية المثقوبة

وأخيراً أضحى رفع العقوبات عن إيران قانونياً وعلنياً وشاملاً منذ منتصف ليل أول من أمس السبت وأمس الأحد. فالرئيس الأميركي أصدر «أمراً تنفيذياً» بـ»إلغاء العقوبات» الأميركية السابقة التي كانت مفروضة على إيران. الإتحاد الأوروبي سبق الرئيس الأميركي، وبدوره ألغى العقوبات التي كانت مفروضة من قبله على طهران.

ردود الفعل الأولية إنعكست في إتجاهين: الأول بالإعلان أن نحو مئة وخمسين شركة أميركية – أوروبية، تتعامل بمختلف أنواع الإنتاج والإلتزامات (من منتج الزجاج الى المقاول، الى منتج السلاح، الى شركات النفط خصوصاً) قد أعربت عن استعدادها لمباشرة التعامل مع إيران في مختلف الحقول والمجالات (تجارة – صناعة – مقاولات…).

والثاني تأثر البورصات العربية سلبياً… فتراجعت بورصتا دبي وقطر عند الإفتتاح بنسبة 6%، بينما تراجعت سوق الأسهم السعودية بنسبة 6.5% عند بدء التداولات الى ذلك واصلت أسعار النفط تراجعها.

ماذا يعني هذا كلّه؟

في تقديرنا أن ثمة نقطاً يجدر التوقف عندها: الأولى – ستعود إيران الى إنتاج النفط بالكميات التي كانت قبل فرض العقوبات عليها. وهذا يعني تراجعاً إضافياً حتمياً في أسعار النفط، قد يصل الى منحدر غير مسبوق… وهذا سينعكس بالضرورة على البلدان المنتجة للنفط، وإن كان بنسب مختلفة، فللسعودية مثلاً قدرة على التحمل أكبر من قدرة بلدان عديدة. أمّا إيران فهي ستستفيد من ضخ أموال في خزانتها جراء واردات النفط التي كانت محرومة من معظمها، تضاف إليها الأموال الطائلة التي سيفرج عنها الأميركي والأوروبي وهي توازي (في القارتين) نحو مئة وخمسين مليار دولار أميركي، وأمس تم الإفراج عن 33 مليار دولار  فور الإعلان رسمياً عن وقف العقوبات.

الثانية- سيثبت للعرب، وبالذات للدول الخليجية (ما بات معروفاً وثابتاً أصلاً) أنّ الولايات المتحدة الأميركية، وبالذات في ولايتي باراك أوباما الأولى والثانية، معنية بإيران وباستمرار وتعزيز دورها (وإن مجرّدة من السلاح النووي) قدر إهتمامها التاريخي باستمرار وتعزيز دور إسرائيل. وإذا كان ثمة فائدة من وثائق ويكيليكس فهي ما كشفته عن الرأي الأميركي بالدول العربية (…).

الثالثة (واستطراداً) – هل أخطأ العرب في الإتكال الكبير على واشنطن في الكثير من أمورهم؟ وهل كانت واشنطن تنظر الى العواصم العربية المعنية على أنها فقط مجرّد أسواق للسلاح لا غير؟! وأكثر: هل وقع العرب في توريطات عديدة جراء «قبة باط» من واشنطن، أو ربما جراء «نصائح» مباشرة.

الرابعة – هل هي مجرّد مصادفة أنه منذ إنطلاق زخم المفاوضات بين إيران ومجموعة الـ 5+1 سجّلت حملة على دول عربية بعينها، وبالذات على المملكة العربية السعودية، في وسائط الإعلام الأميركية (وأيضاً الأوروبية وإن بنسبة أقل»)؟!

الخامسة – تعلن إيران وبلدان الخليج العربي مرات عديدة عن الرغبة في تحسين العلاقات بين الجانبين.

والواقع أن هذه الرغبة لا تتحقق على الأرض حيث الأمر مختلف كلياً بدليل قطع العلاقات في مكان وتجميدها في مكان آخر و»تخفيفها» في مكان ثالث، ومواصلة إيران حديثها عن دورها في العواصم الأربع، وامتداد حدودها السياسية الى شواطىء المتوسط.

وفي تقديرنا أنه مطلوب من إيران أن تأخذ المبادرة الى رفع المظلة الأميركية من فوق العلاقات الإيرانية – العربية، والإنصاف يقتضي القول إن تلك المظلة لم تظلل العرب، وإنّ البلدان العربية لا تتدخل في الشأن الداخلي الإيراني، وإن قول إيران أنها تقر «بالمدى الحيوي» للسعودية في بعض البلدان المحيطة لم يطبق في الممارسة الحقيقية…

إنّ المظلة الأميركية مخروقة فوق العرب ليس فقط في الأزمة الخليجية، بل أيضاً في أزمة المنطقة (قضية فلسطين)… ويفترض أن تكون علاقات الجوار الطيبة البديل الطبيعي عنها. ولربما على إيران أن تدرك الحذر العربي من إمتداد النفوذ الإيراني السياسي والمذهبي في البلدان العربية. وبالتالي على العرب أن يدركوا أنّ لإيران حضوراً فاعلاً ودوراً تاريخياً.

وبالتالي يمكن التعايش بين الدورين والحضورين أقلّه على قاعدة «تنظيم الخلاف» إن لم يكن على قاعدة إلغائه. وفي التقدير ان ذلك ليس مستحيلاً. فالجانبان محكومان بالإحتكاك اليومي بحكم الجغرافيا… فليكن إحتكاكاً إيجابياً خلاقاً بدلاً من أن يكون إحتكاكاً سلبياً مدمّراً.