IMLebanon

العرب: التدخل الإيراني أهم من النووي

اتفاق «الإطار» بين إيران والدول الخمس + واحد حول الملف النووي الإيراني الذي تمّ الأسبوع الماضي، ما زال محل تقييم الخبراء والسياسيين والاعلاميين، فتوقيع الاتفاق النهائي سيحصل في نهاية حزيران المقبل إذا لم يطرأ ما يحول دون توقيعه.

من الطبيعي القول أن حكومة بنيامين نتنياهو باقية على ضغوطها لعدم توقيع الاتفاقية إذ أن لإسرائيل أهدافا من وراء حملتها المستمرة ضد الاتفاقية. فالإسرائيلي يخشى من امتلااك إيران السلاح النووي، رغم علمه وتأكده من أن لا إيران ولا إسرائيل ولا أي دولة أخرى تستطيع استخدام السلاح النووي، لإعتبارات كثيرة أبرزها أن السلاح النووي في ظل إمتلاكه من الدول الكبرى بات يستخدم من الدول الأخرى للتهويل والتهديد والابتزاز السياسي، كما أن الإسرائيلي يدرك أن أميركا أحرص من جميع قادة إسرائيل على عدم امتلاك السلاح النووي من أي دولة في المنطقة، كما أن نتنياهو نجح في انتخابات الكنيست بسبب استخدامه لملف السلاح النووي الإيراني في حملاته الإنتخابية، وإصراره على طرح معارضته لتوقيع الاتفاقية بين إيران والغرب في الكونغرس الأميركي.

لفت الانتباه اعلان الفريق المتطرّف (المحافظ) في إيران تأييده الاطار الذي أنجزته حكومة الرئيس حسن روحاني، رغم أن هذا الإنجاز يصب في مصلحة الفريق المعتدل الذي يمثله الرئيس روحاني في السلطة.

يرى مصدر مراقب أن المرشد العام السيّد علي خامنئي أيد جهود حكومة روحاني في التوصّل إلى عقد اتفاقية مع دول الغرب (الخمسة + واحد)، وأن تأييد الحرس الثوري الإيراني الذي يمثل المتطرفين، جاء بعدما تأكد أن ما يقدم به فريق روحاني من جهود مبارك من خامنئي، وأن كلاً من خامنئي والحرس الثوري ومن معهم من رجال الدين المتشددين أيدوا اتفاق «الاطار» على مضض بعد ما لمسوا أن الشعب الإيراني بغالبيته الساحقة مع توقيع الاتفاقية مع الغرب وصولاً لفك الحصار الاقتصادي المفروض على إيران منذ أكثر من عشرين عاماً، وأن الفرح الذي عم الشارع الإيراني بعد عودة وزير الخارجية محمّد جواد ظريف من لوزان كانت الأمل بفك الحصار الاقتصادي وليس لأن إيران خدعت الغرب وستمتلك قنبلة نووية.

ففي ما يخص الاتفاق النووي يبدو أنه وصل الى خواتيمه، وسيوقع وفق اتفاق الإطار، ولكن في ما يخص المنطقة العربية هناك التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، فإيران لها حضور قوي وتأثير في المسار السياسي اللبناني، فعدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ أكثر من عشر أشهر يعود لإصرار فريق إيران (حزب الله) على انتخاب رئيس موال للسياسة الإيرانية، كما لإيران حضور وتأثير قوي في المسار الأمني والسياسي في سوريا، وكذلك في العراق، واليوم في اليمن تدعم استيلاء ميليشيا الحوثي وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح على السلطة بالقوة العسكرية.

فـ«التحالف العربي» نشأ بهدف إقامة نوع من «التوازن» مع إيران في المنطقة، ولوقف اندفاعتها، أو تدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية التي ترى في التدخل الإيراني إعتداء، وضرباً لوحدة نسيج المجتمع العربي ووحدة أرضه، كما أن غالبية الشعب العربي يرى في هذه التدخلات خطراً داعما لا يقل خطراً عن امتلاك إيران للسلاح النووي.

وفي ما يخص دور إيران في المستقبل بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، هناك انقسام في الرأي بين طرفين:

أحدهما يری أن فريق المعتدلين سيزداد قوة، بسبب تأييد غالبية الشعب الايراني عدم امتلاك إيران لسلاح نووي، وتأييده لوضع امكانات إيران في تنمية الداخل الإيراني، وبالتالي وقف تصدير مشروع الثورة إلى البلاد المجاورة.

ويری ثانيهما بأن إيران فريق واحد، لا فريقان، والكل يعمل تحت «عباءة» المرشد وتوجيهاته، وأن كل رهان على وجود فريق معتدل يمكن أن يغير في سياسة إيران الخارجية فهو رهان خاطئ وخاسر.

للتأكد من صحة أي من الرؤيتين، ومدى انعكاسها على مسار السياسة الخارجية لإيران، يتطلب أشهراً ليست بالقليلة، ولغاية الوصول إلى ذلك ستبقى سياسة إيران النووية والخارجية محط مراقبة جهات دولية كبرى وإقليمية إذ أن سياسة إيران كلها باتت تحت المجهر، وهذه خصوصية إيرانية، بسبب اصرارها منذ أكثر من ثلاثة عقود على تصدير «ثورتها».