IMLebanon

عربٌ لعباس: لا تتوجَّه إلى مجلس الأمن!

عندما ذهب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة طالباً الاعتراف بفلسطين دولة غير مكتملة العضوية فيها، لم تصدِّق أميركا أنه فعل ذلك. فقد مارست عليه ضغوطاً كثيرة للإحجام عن هذا الأمر، بعضها خطي تضمّن تهديداً بفرض عقوبات متنوعة على “سلطته” ظناً منها أن الوضع المأسوي لشعبه سيجبره على الانصياع. لكنه لم يرضخ. كما مارست عليه ضغوطاً مماثلة عبر حلفائها العرب تأكد لاحقاً أنها فاشلة. ذهب إلى الجمعية العمومية المشار إليها وحصل على ما طلبه. ولم تنفِّذ الإدارة الأميركية تهديداتها، واستمرت في التعامل معه كما في السابق. ويقول قريبون من عباس إن له شخصية قوية وإنه عنيد يصرّ على مواقفه. ويقولون أيضاً إنه يعرف أن أميركا تهدِّد بالويل والثبور لمنع تنفيذ أمر معيّن، لكنه عندما يُنفَّذ تتكيف معه، وخصوصاً إذا كان رئيسها يعرف أن بعض مطالب عباس محق، وأن مسؤولية فشل عملية السلام يتحمّل غالبيتها رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو، في حين لا يتحمّل رئيس السلطة عباس إلا اليسير منها. وما حصل بعد التصويت في الجمعية العمومية يؤكد ذلك. وما يحصل مذّاك من انتقال الاتحاد الأوروبي الى العلانية في تأييد دولة فلسطين وفي دعوة برلمانات دوله حكوماتها إلى الاعتراف بدولة فلسطين هو أكبر دليل على هذا الأمر.

هل يعني ذلك أن الرئيس عباس سيمارس عناده مرة أخرى في مجلس الأمن ويطالب بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية وفق سقف زمني محدّد، وباعتبار حدود عام1967 حدود الدولة كما نص قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة الرقم 19/67 بتاريخ 2012/12/29؟

المعلومات المتوافرة عن ذلك عند القريبين منه تؤكده. فهو اجتمع مع وزير خارجية أميركا جون كيري 43 مرة. وكان يأمل في تحقيق تقدُّم حقيقي لأن أوباما بدا في خطاب القاهرة بعد توليه رئاسة الجمهورية جاداً وصادقاً في تحرُّكه لطي الملف الفلسطيني – الإسرائيلي. لكن أمله خاب لأن كيري لم ينجح في زحزحة نتنياهو عن تصلُّبه. وخاب أيضاً لأنه أدرك متأخراً ربما أن أوباما لم يكن واثقاً أن وزير خارجيته المتحمس لإقفال الملف سينجح في ذلك بسبب إسرائيل. لكنه ربط دعمه له بتحقيق تقدم ثابت يقوم هو بتبنّيه، وخاب أمل عباس أخيراً لأن المعلومات التي وصلته عن اجتماعات عقدها الرئيس الأميركي في الأشهر الماضية مع عدد من المسؤولين الكبار في العالم كما في الامم المتحدة، أكدت له سوء العلاقة بين الأخير ونتنياهو، وفي الوقت نفسه عدم استعداده لممارسة أي ضغط عليه، وربما وصوله الى اقتناع بأن التحرُّك على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي صار مسرحياً.

هذه الخيبة المثلثة ستدفع عباس، استناداً إلى القريبين منه أنفسهم، إلى الإصرار على عرض مشروع إعلان الدولة في مجلس الأمن أو منه. وقد أكّد ذلك قبل يومين في رام الله في احتفال شعبي. وهذه المرة أيضاً ستبادر أميركا إلى العودة إلى ممارسة الضغوط عليه لثنيه عن هذه الخطوة. وقد لجأت قبل شهرين أو أقل إلى حوالى 40 شخصية أو أكثر كانت مجتمعة في مصر للطلب من رئيس السلطة عدم الذهاب إلى مجلس الأمن. وفعلت ذلك ولكن من دون جدوى. ويبدو أن العالم العربي في غالبيته لم يعد يرى في إسرائيل عدواً أو خطراً الآن. وقد قال ذلك صراحة مسؤول عربي مهم لأركان مؤسسة عريقة أخيراً معتبراً أن العدو اليوم هو إيران وأن الخطر الأكبر يأتي منها.

هل ينجح أبو مازن في إقناع مجلس الأمن بإعلان دولته؟

حق النقض أو “الفيتو” سيمنع ذلك. وربما يصدر قرار تسوية لا يُسمن ولا يُغني من جوع. والسؤال الذي يطرح هنا هو: هل تفتح الانتخابات العامة الإسرائيلية المبكرة باب التسوية السلمية جدياً أم تقفله نهائياً؟

تفيد المعلومات الواردة من إسرائيل أن الرأي العام فيها بغالبيته اتجه إلى اليمين ومن زمان. ولذلك فان نتنياهو سيفوز وسيطبِّق نظريته بمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة. إلا أن بعض الفلسطينيين يعتقد أن خوض أوباما معركة جدية ضد نتنياهو واليمين في إسرائيل، والتلويح بأن فوزه قد يؤثر على علاقتها بحاميها الدولي أميركا، قد ينتجان كنيست وحكومة معتدلة. علماً أن عرباً كثيرين وأجانب لا يتوقّعون هذا الأمر، والأسباب كثيرة أبرزها انحياز الكونغرس في واشنطن إلى إسرائيل.