اين النظام العربي من اندفاعة ايران المترقبة في لبنان؟ عن هذا السؤال يجيب وزير الخارجية العربي الذي قابلته في باريس: “ما من شك في أن معركة اليمن الاستراتيجية والحيوية استنفدت الكثير من جهد واهتمام النظام العربي الذي تقوده دول مجلس التعاون، ومثلها فعلت احداث العراق وتمدد “داعش” فيه وصولا الى سوريا فعلها في تشتيت الاهتمام، وحرفه مؤقتا عن لبنان. وللعلم فإن لبنان الذي دخل مرحلة “تهدئة” بمظلة عربية – دولية شهد مرحلة من الاندفاع الايراني الخطير، ولكن التورط في حرب سوريا، وتوريط ذراع طهران اي “حزب الله” في حرب لا نهاية لها في سوريا، سمح للفريق الذي يدعمه النظام العربي بإلتقاط انفاسه نوعا ما، والدخول في مرحلة “التهدئة”، على قاعدة أن للطرفين مصلحة، “حزب الله” ليتمكن من التفرغ لحربه في سوريا، و”قوى ١٤ آذار” لتعود الى مؤسسات الدولة وتحد من تمدد الحزب وسيطرته عليها على النحو الذي كان حاصلا في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. هذا كان خلال المرحلة السابقة للاتفاق النووي الايراني، اما الآن فالمنطقة بأسرها تدخل منعطفاً حاسماً، وتقديرنا أن ايران ستكون اكثر عدوانية، وان تكن بدأت ملامح تنافس حقيقي تظهر بين الايرانيين والروس في سوريا، بعدما قررت موسكو “النزول” على الارض مباشرة لكي تكون لها الكلمة الاولى في الحل بمواجهة الاميركيين والمجموعة الاقليمية الداعمة للثورة ضد بشار الاسد. المهم بالنسبة الى لبنان ان معلوماتنا تشير الى ان الايرانيين سيعمدون الى محاولة تحريك الوضع هناك وان كلف الامر انهاء مرحلة “التهدئة” الراهنة، وذلك انهم يشعرون انهم قادرون في هذه اللحظة بالذات احداث تغيير جذري في المعادلة اللبنانية لمصلحة “حزب الله” وتمدده في التركيبة اللبنانية، اي مزيد من إخلال التوازن لمصلحة الشيعة على حساب بقية مكونات لبنان الطائفية. وحسب معلوماتنا فإن الايرانيين يشعرون أن “حزب الله” قوي الآن بما فيه الكفاية للعمل الجدي على احداث تغيير في النظام، يسبق اي حل في سوريا يتفق عليه الاميركيون والروس. انهم يريدون التمترس بقوة في لبنان. انهم يعتبرون لبنان جزءا من مداهم الحيوي الذي لا مساومة عليه”.
ازاء هذه المعلومات يؤكد الوزير العربي: “ان النظام العربي لم يترك لبنان، ولن يترك لبنان ولا الحلفاء. فلا تنازل عن عروبة لبنان، ولا استسلام امام الاندفاعة الايرانية بل مقاومة للمشروع التوسعي. اكثر من ذلك نحن نجري مراجعة في العمق لبحث كل السبل لدعم اصدقائنا الذين يدافعون عن لبنان العربي، ويقفون سدا منيعا امام مشروع ابتلاعه من قبل الايرانيين بواسطة ذراعهم المحلية. والمؤسف أن يكون الايرانيون في صدد نقض تفاهمات “التهدئة”، لان لبنان سيدخل في مرحلة اختلالات خطيرة على المستويين الامني والسياسي. وفي كل الاحوال فإن النظام العربي لن يترك لبنان لايران بأي حال من الاحوال، وهذا ما على طهران وذراعها فيه أن تدركه”. هنا ينتهي كلام محدثي في باريس. ولا تتبدد حيرتي ازاء الموقف العربي، ولا خشيتي على لبنان المقبل على مرحلة صعبة!