أكثر من عشرين يوماً على حادثة راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة المارونية والنائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية المطران موسى الحاج. لم يبقَ مسؤول أو سياسي أو قانوني إلا وأدلى بدلوه في هذه القضية التي تشعبت وتعقدت، بشكلٍ لم يعد معروفاً كيف ستنتهي.
لا تمر عظة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلا ويذكِّر فيها بهذه القضية وبالإستثناء الكنسي الذي يطاولها، وآخرها عظة الأحد الفائت عندما ذكَّر بـ «الخلفيات المعيبةَ وراءَ الإعتداء المخالف للمذكّرة الصادرة عن مديريّة الأمن العام بتاريخ 29/4/2006 والمؤسفُ جِدًّا أنَّ هذه الجهاتِ التي يُفترضُ فيها أن تكونَ الحريصةَ الأولى على كرامةِ الأسقف، وعلى ما ومَن يُـمثِّل، تَصرّفت ولا تزال من زاويةِ التشفّي والمصالحِ الأنانيّة وكأنَّ لديها ثأراً على البطريركيّةِ المارونيّةِ».
انطلاقاً مما سبق، واهمٌ جداً مَن يعتقد بأن القضية محض قانونية، حتى ولو نُقِل عن معاون قاضي التحقيق العسكري، القاضي فادي عقيقي، بأنه يطبِّق القانون، علماً أن القاضي فادي صوَّان طبَّق بدوره القانون، وجاء قراره مخالفاً كلياً لِما قرره القاضي عقيقي.
المسألة في السياسة وليست في القانون، بدليل قول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ان «معبر الناقورة مقفل ومَن يريد الذهاب إلى الأراضي المقدسة فليذهب من طريق الاردن».
لكن كيف يقول السيد نصرالله هذا الكلام فيما حليفته لا بل راعيته إيران اشترت سلاحاً من إسرائيل، أثناء حربها مع الرئيس صدام حسين، وهو ما عُرِف بفضيحة «إيران غيت» العام 1986، والتي كشفتها مجلة «الشراع»، وكاد صاحبها ورئيس تحريرها الاستاذ حسن صبرا ان يدفع حياته ثمناً لها، بعد محاولة اغتيال تعرَّض لها.
العلاقة الإيرانية – الاسرائيلية وثَّقها تحقيق مفصَّل أجرته لجنة في الكونغرس الأميركي، كما وثَّقها كتابٌ لأحد المشاركين في الصفقة وهو «هرمان مول» وحمل عنوان «سمسار الموت».
يروي الكتاب، بالتفصيل وبالوثائق، عملية بيع أسلحة إلى إيران، عبر واشنطن، ومن خلال وسطاء، تحت تسمية «رجال اعمال» إيرانيين وإسرائيليين، هذه النوعية من الأسلحة، في معظمها صواريخ، كانت إيران تحتاجها في حربها مع العراق، فنسيت لفترة انها تتعامل مع «الشيطان الأكبر» ومع «دولة» تريد أن تُزيلها من الوجود وان ترميها في البحر.
ويشرح الكتاب كيف ان الحماسة الأميركية في هذه الوساطة سببها إطلاق مواطنين لها تم خطفهم في بيروت لمصلحة «حزب الله «تحت مسمَّى» الجهاد الإسلامي.
مَن يتمعَّن في الكتاب، يجد نفسه امام المشهد التالي: إيران بحاجة إلى سلاح في حربها مع العراق.
السلاح المطلوب اميركي. يُخطف اميركيون، تحت مسمى «الجهاد الإسلامي»، لمصلحة إيران. تدخل إيران في تفاوض مع واشنطن ضمن معادلة: سلاح في مقابل الرهائن.
إذاً، اللاعبون واشنطن وطهران وتل ابيب، «حلبة اللعبة» الساحة اللبنانية عبر «حزب الله».
لكن الأهم من كل ذلك ان «التعامل مع إسرائيل» في هذه الحال، ليس حراماً، بل تجيزه المصالح الإيرانية التي تحرِّك اللعبة في لبنان عبر «حزب الله».
هل قرأ القاضي فادي عقيقي كتاب «سمسار الموت»؟