توقّف المراقبون طويلاً عند الإطلالة ما قبل الأخيرة للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، والتي استحوذ فيها موضوع المواجهة مع العدو الإسرائيلي على الحيز الاكبر منها، موجهاً رسائل حاسمة الى العدو ولمن يراهن على تورطه في حرب جديدة ضد المقاومة.
ولكن لماذا تحدث نصرالله عن احتمالات الحرب الاسرائيلية؟
في الآونة الاخيرة برزت ملامح حرب مقبلة تشبه نسبياً الاجواء التي سادت قبل حرب تموز 2006، لجهة الحملة الاعلامية المتصاعدة والغطاء السياسي العربي غير المسبوق، وصولاً الى حد خروج كلام يوحي بالاستعداد لشراكة مباشرة في أي حرب إسرائيلية مباشرة على «حزب الله».
يأتي ذلك استناداً الى المزاج العربي بعد القرارات السعودية بتصنيف «حزب الله» إرهابياً، والتي اتبعت بضغوط كبيرة جداً على دول في مجلس التعاون الخليجي لتبني هذا التصنيف، وهذا ما حصل، وصولاً إلى المنازلة غير المتكافئة في اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب والتي أدّت الى صدور قرار مماثل للقرار الخليجي مع اعتراض وتحفّظ عدد من الدول، مع سعي حثيث ومستمر لاستصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي يصنف الحزب إرهابياً يصطدم بفيتوات روسية وصينية جاهزة ومعارضة من دول غربية وازنة التي تقدّم مصالحها الاستراتيجية على أي اعتبار آخر.
ما عزز هذه المعطيات، هو ما وصل الى «حزب الله» من معلومات تفيد، إضافة الى إيجاد المناخ والمقدمات للعدو الاسرائيلي ليوجه ضربة قاضية، حسب اعتقادهم، لـ «حزب الله»، الطلب من العدو خلال لقاءات سرية وأخرى علنية حصلت امام اعين الجميع في مؤتمرات دولية، ان يشن حرباً ضد الحزب، لكن تبين لهم ان الإسرائيلي الذي يتحين الفرصة للانتقام الكبير من «حزب الله» لا يعمل بتوقيت وبطلب من النظام الرسمي العربي إنما بناء لمعطياته ولمصلحته العليا.
كما ان الاسرائيلي ليس غافلاً عما يبنيه «حزب الله» من قدرات، وهو ايضاً مقيد بتوصيات لجنة «فينوغراد» التي شكلت في اعقاب هزيمة حرب تموز 2006 واشتراطها أن أي ذهاب الى حرب مقبلة يجب قبل ذلك ضمان الانتصار وأن تكون الحرب خاطفة.
كذلك، فإن المؤكد هو ان التغطية الاميركية اليوم لحرب اسرائيلية على لبنان غير موجودة، لأن الادارة الاميركية تريد الحفاظ على استقرار الوضع الامني وعدم انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان، كما أنه ليس لدى المستوى العسكري والسياسي الإسرائيلي ضمان واضح وحاسم بأن الحرب المقبلة ستحقق اهدافها.
فما هي صورة المشهد الآن؟
يكشف العارفون بخفايا الصراع القائم عن ان الجانب السعودي يراهن في مواجهة «حزب الله» على عوامل عدة أبرزها: غياب الجنرال ميشال عون، وصول دونالد ترامب او هيلاري كلينتون الى سدة الرئاسة في اميركا، لأن هذا باعتقاده سيؤدي حكماً الى تغيير العقيدة السياسية والعسكرية التي ارساها الرئيس باراك اوباما في الشرق الاوسط، وأن تدخل إسرائيل في حرب ضد «حزب الله».
في المقابل، ثمة رهانات عديدة على انتصار محور المقاومة والمواجهة في المنطقة، وأن تباشير ذلك سياسياً وعسكرياً واضحة جداً، إضافة الى الرهان على غياب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وحصول صراع داخلي في السعودية، بحيث لا يعرف أحد الى أين ستذهب الامور.