IMLebanon

هل التغت مقولة المسيحيين «كمالة عدد»؟

في الوقت الذي كان يفترض فيه وصول الوفد الامني المشرف على تحركات رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لاستطلاع منطقة الرابية تمهيدا لزيارة الحكيم، وصل رئيس جهاز التواصل والاعلام ملحم رياشي بلباس «تشي غيفارا» واجتمع مع النائب ابراهيم كنعان لجوجلة «ورقة اعلان النوايا» بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» والتي عمل الرجلان زهاءه اشهراً لانجازها بينما الجنرال كان يستريح اثر الاجتماع الاسبوعي لكتلة «التغيير والاصلاح» حيث اعلن عون في نهايته اعطاءه الحكومة اجازة حتى ايلول المقبل.

وفجأة وصل موكب جعجع ليبلغ رياشي كنعان بوصول «الحكيم» ظن الاخير بان رياشي يمازحه واذا برئيس «حزب القوات» يدخل قاعة الاستقبال، فاسرع كنعان ليبلغ الجنرال الذي قطع استراحته على عجل وسارع لاستقبال جعجع قائلا: كنت اعرف انك ستفاجئني ولكن ليس لهذه الدرجة وفق الاوساط البرتقالية حيث التقطت الصورة التي تأخر 30 عاما هي مساحة الدماء والدموع على الساحة المسيحية.

لم يصدق متابعو الشاشات الحدث حيث كان حلفاء وخصوم عون وجعجع ينظرون الى لقاءات كنعان ورياشي على انها عملية تمرير وقت بين «التيار» و«القوات» ومناورة في سبيل تهدئة الشارع المسيحي الا ان الامر كان بالغ الجدية: فقد اجترح الرجلان المعجزة ونجحا في محو ذكريات الحقبة السوداء وتناوبا على تلاوة بنود «ورقة اعلان النيات» التي يعترف فيها الجنرال للمرة الاولى «باتفاق الطائف» معتبرا ان لقاءه وجعجع «هدية للمسيحيين القلقين» في وقت احاط به «الحكيم» واضعا يده على كتفه في حميمية لافتة، ربما اعادت الى الاذهان اللقاء الوجداني الذي حصل بين الرجلين اثر عودة عون من المنفى وزيارته لجعجع في سجن وزارة الدفاع.

وتضيف الاوساط نفسها ان مرحلة ما قبل «اعلان النوايا» لن تكون كما بعدها على الساحة المسيحية من جهة وعلى الساحة الوطنية من جهة اخرى، فترتيب البيت المسيحي حجر اساس لترتيب البيت الوطني، وتوحد المسيحيين سينسحب على الشرفاء في الوطن. اضافة الى ان هذه الوحدة ستعيد لهم دورهم الفاعل على الحلبة السياسية بحيث لن يستطيع احد ان يتخطاهم او يعتبرهم «كمالة عدد» كما كان يحصل في بعض المحطات والدليل على ذلك ان الوصاية السورية لو لم تنجح في احداث انقسامات على الساحة المسيحية لما استطاعت حكم لبنان بالطريقة التي اتبعتها حيث كانت الكلمة الاولى والاخيرة تعود الى والي عنجر الذي كان يتدخل حتى في تعيين حاجب في مؤسسة ما.

وتقول الاوساط ان لقاء القطبين المسيحيين في هذه المرحلة اكبر بكثير من رئاسة الجمهورية وملء الشغور لا سيما ان الخطر الوجودي يحدق باللبنانيين بشكل عام وبالاقليات بشكل خاص حيث اقتلع التكفيريون الانظمة والحدود والجماعات البشرية وخصوصا الوجود المسيحي في العراق الذي بات صفراً وكذلك الامر في سوريا حيث يسيطر «داعش» و«النصرة» على 50 في المئة من مساحة سوريا وعلى 400 كلم مربع من الحدود العرسالية ناهيك بالخلايا النائمة فاذا لم يجتمع عون وجعجع امام هذه المعطيات فمتى يلتقيان؟

وتشير الاوساط الى ان فجرا جديدا اشرف على الساحة المسيحية التي كانت غارقة في عتمة زلازل المنطقة، واعادت الثقة الى النفوس، واعطت دفعا معنويا للمسيحيين على قاعدة انهم ابناء هذه الارض الاصيلين وان جحافل الغزاة عبر التاريخ وخصوصا العثمانيين رحلوا جميعا مهزومين وبقي المسيحيون متجذرين بارضهم، فقد مر عليهم عشرات «الدواعش» في الاحداث اللبنانية كما قال جعجع واستطاعوا هزيمتهم بوحدتهم، فلقاء عون وجعجع خطوة اولى في مسيرة الالف ميل ستتبعها خطوات اخرى كفيلة بحلحلة الملفات الخلافية واطلاق عجلة الدولة، وليس بعيدا التوافق على شخصية تملأ الكرسي الاولى فالرئيس القوي ان لم يكن احدهما، فاتفاقهما على مرشح ينتج رئيسا قويا يستمد ماويته من وحدة «التيار» و«القوات» كما ان الامر يريح الفاتيكان الذي اوفد الكاردينال دومينيك مومبري لاستطلاع اوضاع المسيحيين في لبنان كون لبنان «اكبر من وطن انه رسالة» وفق مقولة البابا القديس يوحنا بولس الثاني.