IMLebanon

هل ينجح المسيحيّون «حرماً» حيث فشلوا «جمعاً»؟

مرت جلسة الانتخاب الرئاسية للمرة السادسة عشرة مرور الكرام، حيث تكرر المشهد نفسه في ساحة النجمة، فيما كانت مواقف الزوار الاجانب وتحركات الافرقاء السياسيين تعكس، جوا جامعا في فتح مسار نحو حل لبناني، حمل معه الموفدين الدوليين الى بيروت، محركا القادة المسيحيين فرادى في اتجاه بكركي، مسرعا من وتيرة تحضيرات حوار المستقبل – حزب الله المنتظر، املا في الاسراع في التوافق على انتخاب رئيس جمهورية واقتناص الفرصة الدولية المتاحة قبل فوات الاوان.

حراك داخلي انفتحت ابوابه على مصراعيها لتخرج لقاءات السر الى العلن، على حدّ قول مصادر مسيحية، لا سيما اجتماعات بكركي الثنائية التي تؤشر، بحسب المعلومات المسربة حول اجوائها، الى ايجابية مستجدة وارتياح من سيد الصرح لمضمون المحادثات، في ظل الليونة المتولدة لدى الاطراف الاقليمية المعنية والمؤثرة في الاستحقاق الرئاسي بوجوب فصل لبنان عن ازمات المنطقة، وفك ارتباطه بالازمة السورية ومسار العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية والملف النووي الايراني ومصير مفاوضاتها النووية الممدة.

تحت هذه العناوين تندرج زيارة الموفد الفرنسي الى بيروت، تضيف المصادر، التي استبقها بجولة قادته الى الفاتيكان وطهران للمرة الرابعة، في محاولة لإحداث خرق في جدار الفراغ، خارجيا عبر الضغط باتجاه ايران لاخراج لبنان من المعادلة السوريةـ العراقية والمعادلة السنيةـ الشيعية، والموافقة على التحاور خارج هاتان المعادلتان لتجنب تكرار تجربة المالكي، ولبنانيا عبر اتاحة التوافق بين الافرقاء اللبنانيين على الرئيس العتيد، على قاعدة ضرورة التنبه إلى أن استمرار الشغور لن يضفي على الوضع في لبنان إلا مزيدا من الصعوبة والتعقيد.

وتشير المصادر عينها الى ان «الاليزيه» لمس بداية تحول في موقف طهران، تمثل في «النصيحة» الايرانية للموفد الفرنسي بوجوب بحث الملف مع القوى السياسية اللبنانية ومعرفة ما في جعبتها من اقتراحات وافكار للحل على ان يعود بها لمناقشتها، بعدما كان التركيز في الزيارات الثلاث السابقة على ان الاستحقاق شأن لبناني، وبالتالي من هنا سعيها لتسهيل انتخاب رئيس يعيد تحصين الاستقرار وتمرير المرحلة بأقل قدر من الخسائر، رغم جزم المصادر الدبلوماسية بأن لا اتفاق فرنسي – ايراني حول مرشح رئاسي، بخلاف ما حاول البعض تصويره، وان كانت باريس قد فاتحت طهران بعدد من الاسماء.

واضافت المصادر الى ان ما طرحه نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، عن سعي روسي لرئيس توافقي للخروج من الشغور وعدم انحيازها لمرشح اي من التكتلين الكبيرين، شطب عمليا المعادلة القائمة حاليا بين جعجع وعون، مسهلا مهمة نظيره الفرنسي، كاشفة طرحه لمسودّة حلّ سياسي تكوّنت نواته خلال زيارة وزير الخارجية السعودي إلى موسكو، قائم على وجوب تحييد لبنان عن النار السورية، والعمل للحفاظ على الحدّ الأدنى من الإستقرار القائم الضامن لاستمرار الستاتيكو الأمني والسياسي الحالي لتمرير الوقت المتبقّي حتى إنضاج ظروف مؤتمر «جنيف3» الذي تعمل عليه موسكو مدعومة من الأمم المتحدة.

ورغم محاذير الغرق في التفاؤل، الذي قد لا يبلغ نهاياته السعيدة ، حول قرب موعد الانتخاب وحسم هوية الرئيس التوافقي، بسبب سرعة تبدل المعطيات الدولية والاقليمية، وباعتبار ان الجهود ما زالت في بداياتها، تكشف المصادر المسيحية الى ان الفاتيكان الذي يقف خلف الحراك الفرنسي، قرر بالتنسيق مع بكركي فتح ابواب الصرح امام الاتصالات التي قادتها بعض الاطراف المارونية لايجاد مخرج يكفل انتخاب رئيس، والتي اثمرت اتفاقا عبى لقاءات ثنائية بين القادة والبطريرك بدءا من رئيس تكتل التغيير والاصلاح لاستمزاج آرائهم في من يقترحون رئيسا توافقيا، لان استمرار تعطيل الاستحقاق يرتد سلبا على الجميع، في ظل الهواجس من امكان وصول حوار حزب الله ـ المستقبل الى نقطة الاتفاق على رئيس وفاقي، خاصة ان طبيعة الصراع السني- الشيعي في المنطقة فرض مؤخرا تهدئة سياسية في لبنان، وبحثا عن رئيس توافقي لإدارة الازمة والتوازن القائم وليس كسرها.

هواجس حركت المياه الراكدة بين معراب والرابية على حدّ قول المصادر، في استعادة للمبادرة المسيحية في الملف الرئاسي، في خطوة احتياطية لاتقاء الكأس المرة المتمثلة بإمكان هبوط تفاهم من فوق يفرض فرضا بقوة الامر الواقع كما كان يحصل في الماضي، نواتها اتفاق عوني – قواتي على مشروع تسوية، تنضم اليه القوى المسيحية الاخرى، تتحول الى «تسوية الزامية» لا يمكن ان يرفضها لا حزب الله ولا تيار المستقبل، تجنبا لتكرار تجربة التمديد الثانية للبرلمان التي اخرجت المسيحيين من المعادلة .

واشارت المصادر الى انه بين «جمهورية» الرابية التي تحدث الجنرال عن استعداده للتفاوض حولها، و«جمهورية» معراب التي لا يعارض الحكيم زيارة خصمه اللدود من اجلها، «جمهوريات» تطبخ في الخارج انظمتها وقوانينها ومعادلاتها وحكامها. فهل ينجح الثنائي عون – جعجع في اخراج واحدة تعيد شيئا من الذي مضى؟ التجربة لا تبشر بالخير كما الخطاب الذي استعاد مفردات الماضي مكررا السير على خطاه، بانتظار جلسة السابع من الشهر المقبل.