ماذا تراها كانت تعني الذكرى الحادية عشرة لانبثاق انتفاضة ١٤ آذار أكثر لولا تراكم مئة سؤال وسؤال ستملأ الفضاء الإعلامي والسياسي اليوم بفعل اهتزاز التحالف السيادي الى حدود التداعي شبه الكامل ؟ والأهم اي جدوى من كل ما سيقال إذا سيكون على سبيل إثبات ما بات يصعب إثباته بعدما انحرفت القوى حاملة الإرث السيادي الى المكان الخاطىء؟
قد يكون العقم نفسه هو “الوعظ ” الفوقي والحض على مراجعات نقدية ما دامت وقائع السياسة لا المبدئيات صارت العامل الأقوى المتحكم بهذه الحركة . وعبثا نزعم الطوباوية في مقاربة مناسبة عزيزة على قلوب الكثيرين ممن اعتنقوا الحركة الاستقلالية والسيادية عقيدة مبدئية على أمل ان تحقق مشروع دولة حديثة ونظيفة تليق بالشباب اللبناني . لم يعد من مكان للطوباويات التي ورثناها من زمن المقاومة اللبنانية لكل عابث ومنتهك لاحلام اللبنانيين سواء كان اسم الإطار الذي يجسد هذه المقاومة ١٤ آذار او كان يحمل تسمية أخرى قبلها . في السنتين الاخيرتين لم يقتصر الفراغ على رئاسة الجمهورية ومؤسسات الدولة بل تمدد الى ما لا يعوض، اي إيمان الناس بالدولة وبالقوى السياسية قاطبة دون اي تمييز ، وهنا الخسارة الأفدح لقوى ١٤ آذار التي كان عليها التزام خط احمر لا يسمح بمساواتها بالخصوم ولا سيما منهم أولئك الذين يحترفون تعطيل الدولة ومشروع الإصلاح الجذري لمفهوم النظام المدني للدولة . نحن لسنا ممن ينتحبون على قوى سياسية تنخرط في الصراع على السلطة ايا تكن المبررات الموضوعية لهذا الصراع وايا تكن تداعياته على صورة ثورة سيادية . الأحزاب والقوى الطائفية والسياسية لا تعمل جمعيات خيرية وليس منطقيا ان تجلد قوى ١٤ آذار لكونها مثل ربيباتها في ٨ آذار وسواها . المسألة ليست حتى في تنافسات تقليدية من ضمن التيارات والتحالفات فهذه قواعد تاريخية يستحيل تنزيه الجهات السياسية عنها . ما يثير الخوف هو الاستسلام من داخل المنطق السياسي لقوى ١٤ آذار لمفهوم ميزان القوى المختل أصلا بحيث لا يعود نفع ولا امكان لترميم اذا ساد في حركة ١٤ آذار ما بات يصطلح عليه الآن بأنه الهزيمة النفسية . ليس الأمر على يأس كما تشي به كل الظواهر الاستسلامية كأن القدرة على مقاومة الفراغ وتداعياته قد تلاشت الى حدود التسليم بقواعد لعبة فرضها معطلو النظام . المعطلون يرزحون هم ايضا تحت وطأة تفسخات أكبر وأقوى مما ألم بخصومهم . كل الطبقة السياسية اللبنانية راهنا هي في موقع الانهيار ولا شيء سواه ، ولا يمكن اي جهة التباهي بلحظات تفوق مهما تشاطرت وبرعت وتفننت في اللعبة الدعائية التي تذر الغبار في عيون الناس والقواعد والجماهير . تحتاج ١٤ آذار الى ١٤ آذار فهل صار هذا مطلبا مستعصيا ؟!