IMLebanon

هل أصبح المسيحيّون الأقوياء خارج التسوية؟

منذ ان اطلق الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مبادرة التسوية الشاملة لحل كل الملفات الخلافية المتعلقة بملف الرئاسة والحكومة وقانون الانتخابات ليلاقيه في وسط الطريق الرئىس سعد الحريري الذي تسير علاقته بحزب الله منذ تفجير برج البراجنة وما قبله بقليل ضمن الاطار المقبول او غير المألوف منذ فترة طويلة بينهما، حتى تجمعت التساؤلات والهواجس واولها هل يمكن ان يتفق الثنائي المسلم مجدداً وفي مفارقة لافتة تنتج حلولاً للازمة الرئاسية والحكومية ولقانون الانتخابات؟ وهل يمكن لاحد النقيضين في السياسة لدى الطرف الآخر ان يتخذ القرار الشجاع بالتسوية التي ستمر على حساب اطراف ومنهم الشركاء في الخط السياسي نفسه، والمقصود بهم في هذه الحال الحليف المسيحي لحزب الله في الرابية الذي يمكن ان تأتي التسوية على حسابه بسبب «الفيتوات» الإقليمية والداخلية على وصوله الى بعبدا، وفي الطرف الآخر حلفاء سعد الحريري المنزعجون من تقاربه مع حزب الله في اطار التسوية المحكى عنها. ولعل ما عزز من تلك التساؤلات تقول مصادر متابعة، ذلك اللقاء الذي حصل في باريس واحيط بغلاف من السرية بين رئيس المردة سليمان فرنجية والحريري الذي قيل فيه الكثير بدون ان تتضح حتى الآن الصورة الحقيقية لما يمكن ان يحصل بينهما وينتج عن لقائهما. ففي حين يرى البعض في اللقاء مناورة تشبه مناورة سابقة للحريري مع ميشال عون، فان آخرين يرون في اللقاء ترجمة للتسوية التي حكي عنها ولمعادلة فرنجية في القصر والحريري في السراي، خصوصاً إذا ما سقطت الفيتوات على فرنجية من قبل السعودية التي تعتبره الحليف الأكبر للنظام السوري ولحزب الله بعد ميشال عون. كما ان المؤشرات كلها تدل كما تقول المصادر، على ان حزب الله الذي طرح امينه العام التسوية الشاملة يريد الخروج من النفق المظلم في السياسة وفي الامن الى تفعيل العمل السياسي خصوصاً ان البلاد تواجه الخطر التكفيري الكبير الذي لولا الجهود الامنية في تفكيك الشبكات بالتعاون مع فرع المعلومات والامن العام ومخابرات الجيش والتنيسق مع حزب الله لكانت البلاد غرقت في شلالات من الدم اوتحولت الى عراق وسوريا دراماتيكياً.

وقد كان كلام النائب محمد رعد على طاولة الحوار معبراً وذا دلالة في تشخيص الحل للازمة الرئاسية بقوله عندما تحترق البلاد لا يعود شخص الرئيس مهماً.

هذه الفرضيات بحسب المصادر يمكن ان تكون صحيحة والعكس ايضاً، فليس سهلاً على حزب الله ان يتراجع عن معركة الرئاسة، عدا الاحراج الذي يتسبب به السير في خيار فرنجية رئيساً، إلا ان الظروف السياسية ووطأة الضغوط والوضع الامني الساخن والتعطيل الذي يصيب البلاد عدا «الفيتوات» الدولية التي قد تجعل وصول عون الى بعبدا قد يؤدي وفق المصادر الى تبدل في التكتيك السياسي والى السير بخيارات ومرشح رئاسي آخر من فريق 8 آذار.

هذا السيناريو المتوقع لرئيس من 8 آذار ورئيس حكومة من 14 آذار مرفقاً بقانون انتخابات يريده المسيحيون، ان دل على شيء فعلى ان المسيحيين الاقوياء اصبحوا الى حد ما خارج التسوية وملزمين بالسير بها، على حد قول المصادر. صحيح ان ميشال عون يعيش هاجس القانون الانتخابي الذي يعيد التمثيل المسيحي الى سابق امجاده الا ان اخراجه من الحلبة الرئاسية او المرشح الذي يريده يعتبر انتكاسة للزعيم الاقوى والاكثر تمثيلاً عند المسيحيين. بالمؤكد فان لدى كل من معراب والرابية طريقة اخرى في التعاطي مع التسوية، بالتعويض بالقانون الانتخابي الذي سيجعلهما القوتين المسيحيتين الاقوى او «القاشوش» الانتخابي على الساحة الانتخابية على غرار «محدلة» الثنائي الشيعي، بعدما تمكنا من تسجيل انتصار في قانون استعادة الجنسية الذي يعيد بعض التوازن الديموغرافي الى التركيبة اللبنانية.

في كل الاحوال فان التسوية لم تتضح معالمها ونوايا القوى السياسية التي ستسير بها، فهل يمكن لسعد الحريري ان يتفرد بقراره خصوصاً ان السير بمرشح آخر من 8 آذار، يمكن ان يكون سليمان فرنجية، يفترض موافقة سعودية وسقوط «الفيتوات» الاقليمية التي لم تسقط في حالة ميشال عون، ويبقى السؤال هل الحريري يقوم بالتنسيق مع السعوديين قبل الموافقة على التسوية وماذا لو لم تحصل الموافقة الاقليمية؟ فهل تعود عقارب الساعة الى الوراء وتغرق البلاد في المزيد من الفوضى والتعطيل وسط اكوام النفايات؟