IMLebanon

هل تدفعنا المخاطر  الى صيانة الاستقرار ؟

ليس من السهل على مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان دعم بلد محكوم بالعجز عن تدعيم بيته الداخلي المهدد بالانهيار. فهي تشكلت بمبادرة ودفع من فرنسا حين كان للجمهورية رئيس يضمن الانتظام العام في عمل المؤسسات. وهي ساعدت في تأليف حكومة الرئيس تمام سلام التي جمعت الأضداد، وسط الايحاء أنها ليست حكومة لأشهر معدودة قبل انتخاب رئيس للجمهورية بل حكومة لشغور رئاسي طويل. لكنها لم تترك البلد بلا ترتيبات لاستمرار الحد الأدنى من الاستقرار. لا فقط للضرورات المحلية والمسؤوليات الوطنية في منطقة مشتعلة بالصراعات والحروب بل أيضاً لحاجات قوى اقليمية ودولية الى خدمات يقدمها لبنان المستقر نسبياً.

ولم يكن في الحسابات أن تمارس التركيبة السياسية تعطيل كل شيء تقريباً: لا نصاب لجلسات انتخاب رئيس، لا تشريع في البرلمان، لا عمل في مجلس الوزراء الا على طريقة أكل السفرجل، لا محاسبة لمسؤولين عن فضائح ولا توقف عن السطو على حقوق الناس والمال العام. حتى أزمة النفايات التي تلاحق مجلس الوزراء وطاولة الحوار ولحقت بالرئيس سلام الى الأمم المتحدة، فإنها كشفت أن قلة من النافذين المتنافسين – المتفاهمين على الحصص في كعكة الزبالة، قادرة على تضييع جهود كثرة من خبراء البيئة.

وليس غريباً أن تقع التحذيرات من الانهيار في آذان صماء. الغريب أن تكون قوى خارجية اكثر رأفة بنا من أنفسنا. والأغرب أن نجد أنفسنا مضطرين للإتكال على مصالح الدول لحماية الاستقرار في مواجهة المصالح الفئوية والسلطوية التي تهدده.

ذلك ان الحد الأدنى من الاستقرار يحتاج الى صيانة يومية. وقمة البؤس السياسي أن طموحاتنا تقلصت بحيث لم نعد نطالب بأكثر من هذه الصيانة من دون الحصول عليها. فالصراعات في المنطقة دخلت مرحلة الخطر الشديد على الأقوياء، لا فقط على الضعفاء وبينهم لبنان. ولا شيء يوحي أن التركيبة السياسية المشغولة بحساباتها الضيقة تخاف الفشل في حفظ رأس لبنان وقت تغيير الدول. ولا مجال الآن للنجاح في الصيانة من دون انتخاب رئيس للجمهورية واعادة تكوين السلطة عبر انتخابات نيابية. ولا أهم من الأهداف السياسية سوى الالتفات الى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للناس.

والوقت حان للعودة الى الذات في الاطار الوطني بعد كثير من جنون الذات والعظمة على المستوى السياسي. والفارق كبير في بلد مفتوح على قضايا المنطقة بين أن نكون مراهنين على تطورات تخدمه وبين ان نكون رهائن صراعات المنطقة ومرتهنين لحكامها ومعظمهم رهائن اللاعبين الكبار.