يبدو ان عدوى اللامركزية بدأت تتنقل من قطاع الى آخر، فبعدما أقرت خطة الوزير أكرم شهيب للنفايات مبدأ لامركزية النفايات واعطاء دور للبلديات في هذا السياق، تنشط المساعي من حين الى آخر لتحويل الكهرباء الى قطاع يتمتّع باللامركزية، فهل ينجح الامر؟
لا شك ان توفير التيار لمدينة زحلة 24/24 ساعة أثار شهية بقية المناطق في التغذية الكاملة، خصوصاً تلك التي تملك امتيازاً ولم تستفد منه بعد.
هذه التحركات او المطالب دونها عقبات قانونية، قد تجعل التمنيات في مكان، والواقع في مكان آخر.
وفي هذا السياق يندرج إعلان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عن تقدمه بطلبين الأول يتعلق بتملّك أسهم شركة كهرباء قاديشا بالطرق القانونية بعد تقييمها واسترداد امتيازها، والثاني اعطاء الاذن لشركة «نور الفيحاء» لانتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها على طرابلس بصورة مستمرة ودون انقطاع مع فتح باب الاكتتاب العام في الشركة.
مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان أوضحت لـ«الجمهورية» أن المؤسسة لا تملك بعد ملفاً عن شركة «نور الفيحاء»، انما القانون 282 يعطي الحق لمجلس الوزراء بإعطاء تراخيص بصورة مؤقته اي لمدة سنتين، انما وبحسب القوانين المعمول بها، لا يمكن تأسيس شركة توزع كهرباء فقط لمنطقة معينة.
وعن القول ان هذا المشروع سيكون على غرار البواخر التركية، اوضحت المصادر ان البواخر التركية لا تعطي التيار لمنطقة معينة، انما لشبكة مؤسسة كهرباء لبنان التي توزع الكهرباء على كل المناطق، وتالياً ان شركة «نور الفيحاء» تندرج ضمن اطار لا مركزية الانتاج وهذه الخطوة تحتاج الى قوانين جديدة من مجلس النواب تدحض كل القوانين المعمول بها راهناً على صعيد الانتاج.
اما عن مطالبة ميقاتي بتملّك أسهم شركة كهرباء قاديشا، فأوضحت المصادر ان هذا الاسترداد يحتاج الى قانون وهنا ايضاً نتحدث عن لا مركزية الانتاج التي كما سبق وذكرنا تحتاج الى قانون.
أما عن تجربة زحلة، فأوضحت المصادر ان كهرباء زحلة لا تزال تأخذ الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان وتؤمن ساعات التقنين من مولدات خاصة.
ورداً على سؤال، اوضحت المصادر ان قرار اعطاء امتيازات كهرباء لبعض المناطق اتخذ منذ مدة طويلة وصاحب الامتياز يملك حق توزيع الكهرباء، ومناطق جبيل زحلة وبحمدون تملك امتيازاً وهي توزع الكهرباء، كما يهتم صاحب الامتياز في حال الاعطال، ويجبي الفواتير.
وعلى سبيل المثال جبيل تأخذ الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان مقابل بدل زهيد وتوزعها على القرى التي تدخل ضمن اطارها. كذلك الوضع في امتياز زحلة التي تشتري الكيلواط من مؤسسة كهرباء لبنان بـ 50 ليرة، وتبيعه الى المناطق التي تدخل ضمن اطارها ما بين 200 الى 250 ليرة للكيلوواط.
امتياز جبيل
بعد زحلة تحركت جبيل للحصول على موافقة مجلس الوزراء من أجل انتاج الطاقة لمنطقة جبيل، وهي خطت خطوات متقدمة في هذا المشروع على ما يؤكد احد مساهمي مصنع انتاج الطاقة في جبيل ماريو شلالا.
وقال لـ«الجمهورية» أن مفهوم المعمل في جبيل يختلف عن مفهوم معمل زحلة الذي لا يزال يستعين بمؤسسة كهرباء لبنان ويغطي النقص الحاصل في التغذية عبر مولدات ضخمة. لكن ما نزمع انشاؤه في جبيل مختلف، لأننا سنقوم بإنتاج الكهرباء وبيعها لكهرباء زحلة.
اين أصبح المشروع؟
أوضح شلالا ان مجلس الوزراء ارسل كتاباً الى وزارة البيئة التي بدورها طلبت إجراء تقييم بيئي للمشروع. وكهرباء جبيل اوكلت شركة خطيب
وعلمي لهذه المهمة، وخلال اسبوعين ستقام دعوة مفتوحة لنشرح للبيئيين واصحاب البلديات عن المشروع.
أضاف: في هذا الوقت اتفقنا مع شركتين عالميتين تعملان ضمن نطاق البنك الدولي واحدة لنشتري منها المولدات وتركبه وأخرى لتجهيز المعمل.
وتوقع أن يكون المعمل جاهزاً بعد عام على موافقة مجلس الوزراء على المشروع لتوفير كهرباء 24/24 لمناطق جبيل.
وأوضح رداً على سؤال، أن من المقرر ان يغذي هذا المشروع فقط مناطق جبيل، خصوصاً وأن جبيل تعتبر من المناطق التي تشهد نمواً ملحوظاً من حيث الطلب على الكهرباء يقدر بنحو 10 في المئة سنوياً، في حين تتزود جبيل بأقل من 50 في المئة من الطاقة التي تحتاج اليها.
وعن المشروع، أوضح شلالا ان شركة بيبلوس للطاقة المتطورة تملك معمل انتاج الطاقة في جبيل، وزبون المعمل هو كهرباء جبيل، فالمعمل سينتج نحو 66 ميغاوات من الكهرباء ويبيعها لكهرباء جبيل، التي بدورها توزع كهرباء على أهالي جبيل، لأنها تملك امتيازاً بذلك.
أضاف شلالا: بمقدور المعمل ان يمد مؤسسة كهرباء لبنان بالطاقة ايضاً الا اننا نحتاج الى ضمانات ان المؤسسة ستسدد المتوجب عليها.
أما عن الوفر الذي سيؤمنه هذا المشروع، قال شلالا: ان معدل فاتورة الكهرباء التي يدفعها أهل جبيل في الوقت الراهن مع فاتورة المولد تصل الى نحو 150 دولاراً في الشهر، اما بعد بدء معمل جبيل بالانتاج فمن المتوقع ان يتراجع معدل الفاتورة الى 90 دولاراً، اي ان التوفير يفترض ان يصل الى 37 في المئة.