IMLebanon

هذه هي الرسائل للداخل والخارج من الهجوم المسلّح على السفارة الأميركيّة في عوكر 

 

 

أثار استهداف هجوم مسلّح صباح امس الأربعاء مبنى السفارة الأميركية في عوكر من قبل “إرهابي”، أطلق النار على مدخله لمدّة دامت 25 دقيقة، تساؤلات عديدة عن الرسائل الكامنة وراء هذا الهجوم، والجهة التي أرسلته من أجل تفجير الوضع الأمني في لبنان؟ فبعد أن أظهرت التحقيقات الأولية أنّ المهاجم هو من الجنسية السورية، وقد أصيب خلال تبادل لإطلاق النار مع عناصر من الجيش اللبناني وجرى نقله الى المستشفى الحكومي للمعالجة حيث أجريت له عملية جراحية، ينتظر الجميع نتائج التحقيقات الكاملة لمعرفة الخفايا والخبايا من وراء هذه الحادثة، التي قد يبقى بعضها سريّاً.

 

مصادر سياسية مطّلعة اشارت الى 3 رسائل وراء الهجوم:

 

– الرسالة الاولى هو توتير الوضع الأمني في الداخل، تزامناً مع التوتّر الذي تشهده القرى والبلدات الجنوبية جرّاء اشتعال الجبهة الحدودية مع العدو الاسرائيلي. وتوقيته مقصود إذ يهدف الى زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، وجعل الأجانب الموجودين فيها يغادرونها من جهة، والذين ينوون المجيء الى لبنان من مغتربين لبنانيين أو سيّاح، يعدلون عن هذه الفكرة. فرغم المواجهات العسكرية القائمة في الجنوب منذ 8 تشرين الأول الفائت، تعيش المناطق اللبنانية الداخلية موسماً صيفياً واعداً جرّاء البيع الفوري لجميع بطاقات الحفلات الغنائية لدى طرحها في الأسواق، فضلاً عن الحجوزات المرتفعة في الفنادق وبيوت الضيافة و”الموتيلات” والمطاعم والمسارح وغيرها. وهذا الأمر لا يُناسب “إسرائيل” التي لا تنفكّ تهدّد بضربة وشيكة على لبنان منتصف حزيران الجاري تشمل تدمير البنى التحتية فيه وغير ذلك، بهدف إشغاله طوال السنوات المقبلة في إعادة الإعمار.

 

– الرسالة الثانية موجّهة الى الولايات المتحدة الأميركية، التي جرى استهداف سفارتها في عوكر، وذلك ربّما للتعبير عن رفض الجهة التي أرسلت “الإرهابي” للمواقف الأميركية الأخيرة، في ما يتعلّق بمبادرة الرئيس جو بايدن حول إطلاق النار في غزّة. ولكن الأكثر ترجيحاً هو رفض أيضاً ما حاولت أميركا إرساله الى لبنان على لسان موفدها آموس هوكشتاين عن تهديدات “إسرائيلية” بالتصعيد. ما يعني أنّ “قرار الحرب قد اتُخذ” وهي غير قادرة على منع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المضي فعلاً في توسيع الحرب على لبنان.

 

– الرسالة الثالثة موجّهة الى الداخل والخارج معاً، وهي تشير الى عودة نشاط “داعش” في لبنان، رغم تحذير وزير المهجّرين عصام شرف الدين أخيراً عن وجود 20 ألف مسلّح في صفوف النازحين السوريين، الأمر الذي من شأنه تفجير الوضع الأمني في جميع المناطق اللبنانية، متى قرّرت الجهة المموّلة للإرهابيين كبس الزر. فجَعبة المهاجم التي تحمل “شعارات داعشية”، لم يحملها بمحض الصدفة إنّما بقصد عودة الحديث عن وجود “الإرهاب” في لبنان، وتحديداً عن عناصر أو شبكات لتنظيم “داعش”. الأمر الذي من شأنه وضع الجيش اللبناني، الى جانب حزب الله في مواجهته مجدّداً، على غرار ما حصل في جرود عرسال.

 

وقد ربط البعض هذا الهجوم، وفق المصادر، بالزيارة المرتقبة لقائد الجيش العماد جوزاف عون الى الولايات المتحدة الأميركية، ما قد يشير الى أنّ الجهة الداعمة لهذا العمل “الإرهابي” غير راضية عن دعم أميركا لقائد الجيش، إن في مسألة تسليح المؤسسة العسكرية، أو في دعمه للوصول الى قصر بعبدا.

 

وبرأي المصادر، إنّ هذا الهجوم سيعيد خلط الأوراق في الداخل، سيما أنّ أي إنذار باحتمال حصول توتّر أمني في الداخل، من شأنه حثّ الكتل النيابية على الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية. علماً بأنّ المعارضة لا تزال ترفض التشاور، إذ تعتبره نوعاً من “الخديعة” لجلبها الى مجلس النوّاب، ومن ثمّ تثبيت “الحوار” كعُرف قبل أي استحقاق رئاسي مقبل، الأمر الذي لا تزال ترفضه رفضاً مطلقاً، لهذا فمن الصعب أن تُغيّر موقفها جرّاء حادث أمني من هذا النوع.

 

أمّا دول “الخماسية” الداعمة لانتخاب رئيس الجمهورية قبل تمّوز المقبل، فعليها على ما شدّدت المصادر عينها، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، السعي بشكل جدّي لإزالة العقبات أمام الاستحقاق الرئاسي، وعدم الاكتفاء بعرض مقترح للحدود البريّة لا يصبّ سوى في مصلحة العدو الإسرائيلي. كما تجد المصادر أنّه لا بدّ لكّل من أميركا وفرنسا وقطر من العمل على تحريك قرار “تجميد” التنقيب والاستخراج في البلوكات البحرية اللبنانية، الذي منع لبنان من الاستفادة من ثروته النفطية، لكيلا يتمكّن بمفرده من إعادة إنعاش اقتصاده. علماً بأنّه قام بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع “إسرائيل”، الأمر الذي أتاح للعدو استكمال أعماله في البلوكات البحرية، وأبقى لبنان في الدائرة المفرغة.

 

أمّا “اتفاقية ترسيم أو تثبيت الحدود البريّة”، على ما ختمت المصادر السياسية، فلن تكون بالسهولة نفسها، بعد أن تيقّن لبنان أنّ النيات من توقيع الاتفاق البحري لم تكن حسنة، على ما ظهر من خلال مسار التنقيب في البلوكين 4 و9، الذي أوقفه كونسورتيوم الشركات، وعلى رأسه “توتال إنرجي” من دون أي أسباب وجيهة.