شكلت الحوادث المتفرقة التي شهدتها عاصمة الشمال مع نهاية العام، من حرق لاشجار عيد الميلاد واعتداءات متفرقة، علامات استفهام عديدة حول الجهات التي تقوم بها والاهداف التي تقف وراءها، خصوصا في ظل “النقزة” التي خلفها ظهور بعض الجماعات التي وصمت بالطابع الاسلامي، في اطار تنظيمات مسلحة على الحدود الجنوبية.
عزز هذا الخوف ما كشفته تحقيقات مديرية المخابرات عن وقوف عناصر “داعشية” غير لبنانية في تلك الاحداث، التي كادت بمرحلة من المراحل ان تعيد عقارب ساعة المدينة الى زمن الاقتتال بين جبل محسن وباب التبانة، وخلق حالة فوضى غير مسبوقة في المدينة، سرعان ما نجحت الاتصالات والاجراءات في احتوائها.
مصادر مواكبة للاوضاع الامنية التي تمر بها البلاد، رأت ان حزب الله استدرك بسرعة خطورة انفلات الاوضاع وتطورها لاحقا، في حال فتحت جبهة الجنوب امام الفصائل المختلفة. وتابعت المصادر بان تطور الاحداث والتقارير التي وردت من اكثر من جهة، حذرت من استفادة الجماعات الارهابية من بعض الثغر، بعد اكتشاف عدد من العناصر التي قاتلت ضد الجيش الى جانب “داعش” و”النصرة” على الحدود الجنوبية، وتحت وطأة التحذيرات الاميركية الجدية، استفادت حارة حريك من الوضع المستجد واعادت ضبط الوضع جنوبا، حيث يحكى ان هذا الملف كان احد ابرز الامور المطروحة في الاجتماع الذي ضم العاروري ومسؤولين من حزب الله وقوات الفجر، واستهدفته “اسرائيل”.
وتكشف المصادر في هذا الاطار ، الى ان الحديث عن عودة الروح الى التنظيمات الارهابية غير دقيق، انما ثمة حركة ملحوظة اكثر من قبل على الساحة اللبنانية، تعود الى مجموعة من العوامل ابرزها:
– ما سببته عملية طوفان الاقصى من عودة للروح الى “الاسلام السياسي” ببعده السني، وبالتالي انخفاض حالة الاحباط التي كان يعاني منها هذا الشارع، بعد الحملات التي قامت فيها الدول ضد تنظيم “داعش”، ما خلف حالة من النشوة والراحة، تفجرت في الشارع عبر تظاهرات، تؤكد التقارير انها كانت في غالبيتها من تنظيم او وقف وراءها شخصيات ومجموعات معروفة بفكرها المتطرف.
– انضواء هذه المجموعات تحت عباءة المقاومة، مستفيدة من الحرب القائمة على الحدود الجنوبية، فتحركت تحت غطاء منظمات اسلامية محلية وفلسطينية كحماس والجهاد، وهو ما منحها حرية في التحرك، وصلت حد دخول مقاتلين غير لبنانيين الى لبنان، خصوصا من تركيا والذين انتشروا في اكثر من منطقة.
– الجو العام في المنطقة الذي ادى الى عودة واضحة لنشاط “داعش” في سوريا والعراق، وصولا الى افغانستان، وتوجيهه ضربات موجعة لحزب الله في سوريا كما للحشد الشعبي في العراق، وسط حديث في اوساط محور الممانعة عن خطة اميركية – “اسرائيلية” لانعاش التطرف من جديد في مواجهة ايران، ووقوف تلك الجماعات خلف الانفجارات التي طالت المحتفين في ذكرى اللواء قاسم سليماني، وما تبعه من رد ايراني بالصواريخ البالستية ضد مواقع في اربيل وسوريا.
وفي هذا الاطار، تؤكد المصادر ان الاجهزة الامنية اللبنانية مستنفرة وتتابع بدقة تلك الحركات، وهي على تنسيق عال مع اكثر من جهاز خارجي صديق، وقد نجحت في الكشف عن العديد من الشبكات التي اعلن عن بعضها، فيما بقي بعضها الآخر طي الكتمان لاسباب امنية.
وتابعت المصادر، بان عملية ضبط الحدود خلال الفترة الاخيرة ساهمت بنسبة كبيرة في الحد من عمليات التسلل الى لبنان ودخول الارهابيين، جازمة ان الامور تحت السيطرة حتى الآن، وان المخاوف وان تبقى مبررة، الا ان كل المعطيات تؤشر الى ان لا قرار كبير بتفجير الساحة اللبنانية من قبل تلك الجماعات بسبب غياب الامكانات والقدرات.