IMLebanon

شموع الظلام

 

مذعور عالمنا لأنّ وطواطاً ابتلعته حية قام أحدهم بدوره بأكلها وأتت نتيجة هذه المحاولة بانتشار وباء سمّي «كوفيد 19» اجتاح المعمورة وأرخى مآسيه على الخلق.

محجورعالمنا والمنشأ لأنّ هذا الوباء فرض حجراً محكماً بسبب سرعة انتشاره وتهديده لحياة الناس.

 

مذهول عالمنا أمام العجز الطبي للتحكم بمنع تفشي هذا الوباء على رغم من تقدّم العلم والتكنولوجيا والأبحاث والمختبرات، لا سيما في البلدان المتطورة جداً في قدرتها الطبية.

مصدوم عالمنا لأنه وبعد أشهرعدة لم تستطع أعظم وأحدث المختبرات من إيجاد لقاح أو علاج يقاوم هذا الوباء.

 

هذا العالم لم يبد ذعراً عندما تاه بنظام ظالم وجائر إبتلع شعباً بأسره عن طريق التنكيل والقتل.

هذا العالم لم يُعر اهتماماً لحجر إلزامي في البراري والصحاري برسم شعب تخلى عن رزقه وممتلكاته وتركاته فريسة لزمرة من المجرمين والقتلة تحكموا بمصيره.

 

هذا العالم لم يذهل ولو للحظة أمام محجز الديموقراطيات المرموقة التي لم تحرك ساكناً أمام ما كان يحدث في بقعة من العالم حيث قرر أشرار إبادة شعب برمّته.

هذا العالم لم يصدم أبداً عندما وصلت أخبار مروعة عن مذابح ومجازر بلغت بالعدد مليون ونصف المليون من البشر فقدوا حياتهم لأنهم أصبحوا يزعجون مطامع سلطنة مريضة تحتضر وفي احتضارها قررت الإنتقام من قوم مسالمين محبّين للحياة مبدعين.

 

تأتي ذكرى 24 نيسان هذه السنة لتزيدها مرارة لأننا محجوزون في منازلنا فلا مسيرات ولا تجمعات ولا قداديس على ارواح شهداء وأبرياء سقطوا ورحلوا.

إنها ذكرى الإبادة الأرمنية التي نظمتها ونفذتها زمرة من المجرمين على رأس السلطنة العثمانية سنة 1915.

 

قد يبدو للبعض أنه مرّ أكثر من 100 عام على هذه المأساة المروعة التي كادت أن تطيح بوطن وبشعب معاً ولا ضرورة لكل هذه الحماسة.

قد يفكر البعض أنه في هذه الظروف الراهنة التي يمر بها العالم ما بال هؤلاء الأرمن بذكراهم وشهدائهم.

 

نأسف كل الأسف ونتألم كل الألم للأرواح التي ترحل نتيجة وباء يجتاح العالم ولا يسعنا إلّا أن نصلي من أجل خلاص البشرية من هذا الوباء الفتّاك، لكن وبالرغم من هذا الوجع تبقى ذاكرتنا هي الأقوى تَرحّماً على أرواح بريئة أبيدت بوباء بل نتيجة جريمة منظمة ومنفذة بوحشية متقنة.

 

ننحني احتراماً لذكراهم ونضيء لهم شمعة في ظلمة عذاباتهم التي تبقى مشاعرنا وأحاسيسنا كلها بعزم وقوة بعدم الكف عن مطالبتنا بالإعتراف والتعويض عن هذه الإبادة المروعة.

 

تركيا السلطنة العثمانية أو تركيا أردوغان سيّان: نظام ظالم ومجرم طَمس الحقائق تَنكّر لجريمته ولا يزال حتى اليوم يطمس ويتنكّر، لكنّ شموعنا ستبقى مضيئة في الظلمة حتى تتحقق مطالب شعب مسالم ومبدع أحبّ الحياة.