Site icon IMLebanon

الأرمن وعبد الحميد

مئة عام على الإبادة التي تعرض لها الأرمن على أيدي العثمانيين، لكن شبح عبد الحميد الثاني حاضر الآن في تركيا كطيف للعار يواصل إنكار الإثم، ذلك ان حفيد السلطان رجب طيب أردوغان متسلطنٌ نزق يتمادى في إظهار العصبية كلما أثيرت مسألة الإبادة او المحرقة التي نفذها جدوده!

لكأن الاعتذار عن أبشع جرائم القرن العشرين، عيب وليس من الواجب القانوني والأخلاقي والسياسي لدولة ورثت كل هذا الإثم، الذي لم يطاول الأرمن وحدهم بل طاول عدداً كبيراً من اليونانيين والأقليات المسيحية في ذلك الوقت.

هذه السنة وفي الذكرى المئوية للإبادة كانت الإدانات عالية في اكثر من ثلاثين دولة بينها الفاتيكان حيث وصف البابا الأرمن بأنهم ضحايا الإبادة الجماعية الأولى في القرن العشرين، فجاءت غطرسة اردوغان مدوّية إذ لم يكتفِ بوصف تصريح البابا بأنه “كلام فارغ” بل وجّه إليه تهديداً بالقول “ان البابا المبجّل لن يرتكب هذا الخطأ ثانية”.

كل سنة في ٢٤ نيسان في ذكرى الإبادة التي شرّدت الأرمن الى الأراضي التي تمكنت أرجلهم الحافية وجروحهم الفاغرة من الوصول إليها مطرودين وممزّقين ومُهانين، ومنها لبنان الذي يعتز بهم اليوم مواطنين شرفاء مستقيمين مخلصين ومتفانين، في كل ذكرى أحس بالتعاطف العميق والموجع مع أثقال ذكرياتهم حيال تلك الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، بل تستمر في الحفر عميقاً في الذات الانسانية، وخصوصاً مع إصرار اردوغان على إنكار المجازر والادعاء المقزز ان الأرمن ليسوا الضحايا بل “أنهم الجلاّدون الذين قتلت عصاباتهم نصف مليون عثماني… . “فيا للفظاظة الطاووسية المضحكة – المبكية”.

يزداد احترامي للشعب الأرمني الذي جعل تاريخه وجروحه تاجاً فوق رأسه، بمقدار ما يزداد أسفي على بلدي لبنان الذي علمنا في كتب التاريخ، كيف شنق السفاح جمال باشا الشهداء من جدودنا، لكنه لم يعلمنا يوماً في كتب الكرامة ان نطالب تركيا بالاعتذار كما يفعل اشقاؤنا الأرمن، على رغم ان متصرفي السلطنة قتلوا يساراً ويميناً وفتكوا وأهانوا في وطننا لبنان.

التاريخ حافل بالمذابح المنسية وحتى المعاصرة، أوليس ما تعرّض له الأكراد على أيدي صدام حسين ورجب طيب اردوغان من المذابح؟ أوليس ما يتعرض له السوريون من المذابح، وعلى أعين العالم، تلك التي سبق لها ان تعامت عن حروب الآخرين على لبنان والمئتي ألف قتيل مما يستوجب الاعتذار؟

لكنها الفظاظة المطلقة عندما لا يكتفي اردوغان بإنكار تاريخ العار بل يحاول لصق عار الجلاد بضحايا السلطنة، التي نفذت ثلاث إبادات في حق الأرمن، الأولى عام ١٨٩٤ وقتلت ٣٠٠ الف منهم، والثانية عام ١٩٠٩ في أضنة وقتلت ٣٠ ألفاً، والمذبحة الكبرى عام ١٩١٥ وقتلت مليوناً ونصف مليون، وأردوغان مكبٌ على إعادة بناء التاريخ العثماني المفعم بالجماجم !