بعد مرور سنة على احداث عرسال، وعلى قتل وجرح وخطف العشرات من ابنائنا الجنود في الجيش وقوى الامن الداخلي، ولمناسبة مرور سبعين سنة على تأسيس الجيش الوطني، الذي لا يملك حتى الان سوى القليل من السلاح والعتاد، والكثير الكثير من المعنويات والجهوزية النفسية وارادة القتال، وقد استخدمها جيشنا بكثافة ومن دون حساب في دحر التنظيمات الارهابية التكفيرية عن عرسال والقاع ورأس بعلبك وجرودها، وهو الآن يملك الارض ويقبض عليها بقوة ايمانه وشجاعته والتفاف اللبنانيين حوله، ولكن بطولات الجيش وقوى الامن الداخلي هذه، لا تحمي المسؤولين ولا تعفيهم من المساءلة والاتهام بالتقصير بحق الجيش وابنائه وبحق القوى العسكرية الاخرى، وبحق اهلهم واقاربهم واصدقائهم، وبحق المواطنين.
معيب ومخجل وغير مقبول اخلاقياً، ان تمر سنة كاملة، وعدد من عناصر الجيش والامن الداخلي، اصبحوا من «اهل الكهف» انهم منذ سنة كاملة وهم اسرى كهوف الارهاب والثلج والجليد والحرارة الخانقة، والاذلال والمتاجرة بارواحهم، ويشاركهم في عذاباتهم المئات من اهلهم وعائلاتهم واصدقائهم ومئات الالوف من اللبنانيين، في حين ان آباء وامهات واشقاء هؤلاء العسكريين الرهائن، يؤكدون انهم لا يسمعون من المسؤولين سوى الكلام الذي لا يعكس الحقيقة، بل يعكس الواقع المرير ان احباءهم متروكون لمصيرهم ولرحمة الله، حتى ان العديد من المسؤولين بدأوا «ينزعجون» من الاهل ويمتنعون حتى عن استقبالهم، ولا أحد يقول لهم لماذا تنفرج المفاوضات ثم تتجمّد، وماذا تفعل الحكومة لمواكبة الانفراج والتجميد.
هذا بالنسبة الى العسكريين الرهائن، اما بالنسبة الى الجيش والسعي الى مدّه بالسلاح الملائم والذخيرة والعتاد، فهنا الكارثة الكبرى، لأن الكلام عن المليارات الاربعة التي تبرعت بها المملكة السعودية مشكورة، لتجهيز الجيش بالمعدات الثقيلة المتطورة من فرنسا، غاب فجأة عن السمع، بعد الكلام الذي شاع عن وقف المساعدة بسبب ما قيل حولـها من اخبار عن فساد ورشاوى وحصص، وبعدما توقفت الشحنات التي سبق واعلن في فرنسا انها ستـكون في الاول من شهر آب الجاري، وفي المقابل هنـاك همس وتخوّف في اوساط الضباط والعسكريين عن «تقنين» في الاموال بسبب الفراغ الذي يشلّ الحكومة ومجلس النواب، حتى ان هناك تخوفاً من تأخير في الرواتب.
التعتيم عن هذه القضايا التي يرتبط بها وجود لبنان، يخلق بلبلة كبيرة، تستوجب موقفاً توضيحياً سريعاً من قائد الجيش العماد جان قهوجي، ومن رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومن رئيس الحكومة تمام سلام، ومن وزراء المالية والدفاع والداخلية، وعليهم واجب مصارحة الشعب والردّ على سؤالين اثنين: 1- اين اصبحت صفقات الاسلحة؟ 2- اين اصبحت مفاوضات تحرير الرهائن؟