… مَن اللاعب السياسي القادم؟
تعتقد مراصد النجوم السياسيين أن الأمراء الشبان قادمون كمحاربين من الجيل الجديد، يمزجون العسكرة بالملك، والاندفاع بتغيير صورة «المملكة» في العالم كرمز للحكمة النائمة في كنف الشراكة بين الأيدلوجيا (الوهابية) و المال (آل سعود)..
هذا الاعتقاد يفشي أسرار مرحلة تنقلب فيها الخرائط السياسية، بما يدفع الدولة التي لم تحارب من قبل حروبها، تزمجر بالعواصف والصماصم (جمع اسم المناورات الحربية بين السعودية والباكستان المسماة كل منها صمصامة وتعني السيف البتار الذي لا يثنى).
لماذا؟
سؤال عن هذا التحول من «الاستقرار» في ظل شراكة في الحكم مستقرة، تتقاسم منابع النفط، والحكم، في ظل هندسة اجتماعية تقمع هوامشها وتغطي ندوبها على طريقة ممالك القرون الوسطى، حيث السلطة رهن السر الذي تتفق عليه كل العناصر، وبعيدا عن تهديد للايدلوجيا او بترتيب الملك وخطوط سيره.
هل تشعر شركة الحكم في المملكة بالتهديد؟
ـــ 2 ـــ
التغيير الاساسي هو دفع الايدلوجيا للامام بعد ان كانت مستقرة في غرف الاسرار…
السعودية تقدم حربها على انها دفاعا عن «المذهب» والايدلوجيا، لتغطي على تهديد آخر للسيطرة على المصالح (منابع النفط، وبقاء الجيران على اوضاعهم القديمة..).
وهذا التغيير يتزامن مع انقلاب في عقدة بناء الدولة الايرانية، انقلاب مسيطر عليه، لكنه يبعد الايدلوجيا مسافة محترمة بعيدا عن القيادة، فالدولة التي قامت على حرب «الشيطان الأكبر»، توقع اتفاق الاطار الذي تدخل به ايران العالم، وتعيد الخطوط المقطوعة، وتستعيد الحسابات المصادرة.
التحول هنا ليس عابرا، وأمراء الحرب الصاعدون في السماء السعودية ليس الا علامة على التغيير، يغامرون فيها بحظوظهم في الحكم، ويعبرون عن عصاب مضمر تحت الاسطح الهادئة التي لم تعد تحتمل طاقات التعبير عن فائض المال والقوة في الرياض.
ولكن هل تنفلت التركيبة السعودية الجديدة لتخرج عن المدار العالمي؟
ام انها تبحث عن تحالف مع الطموح الجمهوري في استرداد البيت الابيض..؟
ـــ 3 ـــ
اليمن ليس مجرد مسرح لهذه التحولات…
والغارات الجوية لم تحقق شيئا، ويلوح في الافق ترتيبات عن مغامرة الاقتحام البري التي لن تتم من دون مساهمة فعّالة من القوات المصرية.
وهي مغامرة يحاول الرئيس السيسي تفاديها، في ظل قلق شعبي يستعيد ذكريات حرب اليمن الأولى، ويسأل اسئلة بدائية: ماهي مصلحتنا في هذه الحرب؟
والاجابات تتشابك وتتعقد لتخفي السبب الاساسي وهو «دعم التحالف مع الخليج»، برغم ان الاعلام مشحون باغاني العروبة، والازهر بحروب استباقية ضد خطر «التشيع»، لكنها غالبا اجابات غير مقنعة في ظل واقع ضاغط لا صوت فيه يعلو على طلب الاستقرار، وحل الازمات، والوعد بمستقبل اكثر ازدهارا.
هنا حيرة الحكم الصاعد من العالم القديم للمنطقة، والمطالب بدخول العالم الجديد الذي تقود فيه السعودية الحروب، بينما تخفت اصوات العداوة النووية لايران، وبينما مصر تبحث عن موقع.
هذا العالم الجديد يتحكم فيه على ما يبدو عقل تجار السلاح واباطرة المقاولات… لتتسارع ايقاعات التدمير والبناء في اعادة تدوير لفوائض النفط المتراكمة كاللعنات.