هل ينتظر أوكرانيا مصير شبيه بمصير سوريا؟ خمسة آلاف قتيل وآلاف من الجرحى و500 ألف مهجر في 35 أسبوعاً من النزاع. حصيلة تقارب عدد قتلى النزاع السوري في أشهره الأولى، والذي يختم سنته الرابعة بأرقام زادت أضعافاً مضاعفة من القتلى والجرحى والخراب والدمار.
بعد السوريين، ها هو العالم يخذل الأوكرانيين ويتركهم يواجهون مصيرهم. قبل أربع سنوات، اعتقد السوريون أن العالم سينتصر لحقوقهم الأساسية في مواجهة نظام احتكر السلطات ونصب نفسه مدافعاً عن الأقليات. لم يقدّروا أن الغرب لن ينسى للنظام التزامه “فكّ الاشتباك” وجعله الحدود مع إسرائيل من الأكثر هدوءاً حول العالم. لم يحسبوا أن الجاذبية القاتلة لإيران، ستفقد الرئيس الأميركي باراك أوباما توازنه وتدفعه إلى إسقاط خطوطه الحمر والخضر إكراماً لاتفاق نووي قد يحصل وقد لا يحصل.
ليس الاوكرانيون في حال افضل. خيارهم الاوروبي لم يقهم الأطماع التوسعية لموسكو. أوباما المربك في سوريا يواجه انتقادات حلفائه قبل خصومه لسياسته الاوكرانية أيضاً. وأوروبا القلقة على اليونان ومصير الاورو تتردد في الوقوف جبهة واحدة ضد روسيا. وعلى رغم السوابق المتهورة لبوتين على أرضها، تجازف ببوسنة أخرى في فنائها الامامي أو في أفضل حال بجيب جديد في شرق أوكرانيا على طريقة ترانسدنيستريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
وفي المقابل، يعتمد بوتين خطابا ناريا لاستيعاب الوضع الداخلي في بلاده. مع الازمة الاقتصادية المتفاقمة نتيجة تراجع أسعار النفط والعقوبات الغربية، يعتقد أن التهويل بحرب شنها الغرب على موسكو يساعد نظامه ويدفع الروس الى رص الصفوف حوله.
على عادته، كلما شعر بوتين بأن الغرب يقلل شأن روسيا، يرفع نبرته المعادية لاوروبا وأميركا، ويحرك قواته. ورداً على اتهام المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل لموسكو بتقويض سيادة كييف، اشتعلت جبهات الشرق في أوكرانيا بعد هدوء، ووسع الانفصاليون نطاق تحركهم. وعلى رغم النفي الروسي المتكرر، تؤكد كييف والدول الاوروبية أن السلاح الروسي يتدفق على المناطق الانفصالية لمواجهة الجيش الاوكراني.
كما في سوريا كذلك في أوكرانيا، لا حل الا سياسياً. لكن حلقات التفاوض السورية من جنيف الى مونترو وصولاً اخيرا الى موسكو، أثبتت أن الديبلوماسية في غير موعدها تكون أحياناً فرصة لفريق كي يعزز موقعه على الارض.
في بعض الحالات، يصير السلاح وحده كفيلاً بوقف السلاح. العقوبات الاقتصادية اضطرت بوتين الى رفع مستوى التحدي والدفع في اتجاه فتح جبهات جديدة في الشرق الانفصالي لحشد الدعم الداخلي. وفي مواجهة خصم كهذا، قد يكون تعزيز قدرة الجيش الاوكراني على الدفاع عن أرضه ووقف هجوم الانفصاليين المدعومين من موسكو السبيل الوحيد الى مفاوضات مجدية.