Site icon IMLebanon

الجيش بين التشويش.. و«التكفير السياسي»

من يريد جعل المؤسسة العسكرية «إلهاً من تمر»؟

الجيش بين التشويش.. و«التكفير السياسي»

أين الجيش اللبناني من معركة القلمون؟ أي دور لعبه على الحدود؟ وهل ثمة قوى سياسية فرضت على الجيش القيام بأي عمل لوجستي أو عسكري يعتبر اسنادا لـ «حزب الله» في معركة القلمون؟

لم يكن الجيش طرفا مباشرا في معركة القلمون. لكن الجيش يخوض معركته ضد الإرهاب على جبهتين: الاولى في مطاردة الشبكات والخلايا الارهابية في الداخل، والثانية على امتداد الجبهة الممتدة من عرسال الى راس بعلبك والقاع.

تؤكد القيادة العسكرية أن «مهمة الجيش واضحة لا لبس فيها، ويفترض ان تكون مرئية من قبل الجميع. الجيش يقوم بواجباته، وقراره هو الاّ تهاون في حربه على الارهاب، برغم حاجته الملحة الى السلاح النوعي. هنا لا يخوض الجيش معركة حماية حدود لبنان واستقراره فقط، بل حماية مصير لبنان ووجوده اللذين تهددهما المجموعات الارهابية كل يوم».

منذ ما قبل معركة القلمون، قام الجيش بسلسلة خطوات استباقية، فرفع استنفار وحداته، المنتشرة على الحدود تحديدا، الى الحد الاعلى. والهدف حماية الحدود واحتواء نتائج المعركة، لا سيما إقفال الطريق على المسلحين الفارين من جرود القلمون، ومنعهم من التسلل الى الجانب اللبناني، وتحديدا الى بلدة عرسال. وقرار القيادة العسكرية كان صارما في هذا المجال: «ممنوع عبور الارهابيين الى الجانب الللبناني او الاقتراب من الحدود اللبنانية، مهما كلف الامر».. وهذا ما حصل بالفعل.

تقدم «حزب الله» في جرود القلمون، انهار المسلحون وهربوا. ثمة من خشي ان يكون «انهيارا مسرحيا» الغاية منه جرّ «حزب الله» الى كمين، يعقبه هجوم معاكس من تلك المجموعات في اتجاه الجانب اللبناني.. فكان لا بد من الذهاب الى اعلى الجهوزية واستقدام مزيد من القوات. وبيّن الرصد للهاربين انهم حاولوا التوجه الى عرسال، فحالت الاجراءات التي يفرضها الجيش وإقفاله المسارب ما بين البلدة وجرودها، دون وصولهم اليها. وما زالوا ينتشرون في بقعة جغرافية وعرة تتراوح بين 60 الى 90 كيلومترا مربعا.

عين الجيش حاليا على عرسال في ظل محاولات متكررة للارهابيين التسلل اليها، وثمة معلومات امنية وعسكرية عن وصول عدد قليل من المسلحين الى مخيمات النازحين القريبة من الجرود.

وبعدما تم إبعاد الارهابيين من الجرود اللبنانية المواجهة لبريتال، تركزت عين الجيش اكثر على الجرود المقابلة لبعض القرى اللبنانية، لا سيما راس بعلبك، القاع، ودير الاحمر. اذ ما زالت مهددة من قبل الارهابيين الذين لا يزالون منتشرين في الجرود المقابلة لتلك البلدات.

تلك الملاحظات الميدانية، تقدم صورة واقعية لمهمّة الجيش ومواجهته للارهاب على الحدود والجرود وبالنيابة عن كل اللبنانيين من دون استثناء. لكن تلك الصورة لا تُرى بعين واحدة داخليا. اكثر من ذلك، فالجيش وكما يتعرض لارهاب تكفيري على الحدود، يتعرض لارهاب سياسي في الداخل. فثمة من يصنفه في هذا الجانب، وثمة من يصنفه في الجانب الآخر، وثمة من يكيد له ويتمنى ادخاله في مزالق امنية وعسكرية خطيرة من دون النظر الى التركيبة الحساسة للواقع اللبناني. وثمة من يريده جيشا لطائفة، او مذهب، وثمة من يريده لنفسه، طيّعا في يده، منفذا لرغباته، خاضعا لامره، فارضا لسلطته، ومحققا لأهوائه. وثمة من يزايد فيقول بحق الجيش الشيء وعكسه. واخطر من ذلك، ثمة من يسعى لجعل الجيش «إلهاً من تمر» ليأكله عندما يجوع، او عندما تقضي ذلك حاجته وضروراته ومصلحته السياسية والشخصية!