لا صوت يعلو فوق صوت معركة مستقبل قائد الجيش في اليرزة، ويكاد هذا الملف يطغى عند بعض القوى السياسية على التطورات التاريخية في غزة، ويعتبره “التيار الوطني الحر” مسألة حياة او موت. وحسب المعلومات المؤكدة، ان رئيس التيار اجرى سلسلة اتصالات بحلفائه، من بينهم الحاج وفيق صفا، وابلغهم قرارا واضحا لا رجعة فيه “السير بالتمديد للعماد جوزاف عون يساوي “القطيعة الابدية، كل واحد في طريقه مع انقطاع حبل الود ولغة التخاطب “.
واكدت المعلومات ان المعركة هي معركة ميشال عون شخصيا، فيما حزب الله ليس مع الشخص، بل مع المؤسسة، وينطلق في مواقفه من ضرورة عدم الفراغ في مركز قيادة الجيش في هذه الظروف الدقيقة، وهو مع اي خيار يحول دون الوصول الى الفراغ.
وحسب المتابعين، فان الصورة ليست واضحة حتى الآن، ولا يمكن اسقاط اي احتمال، والكلمة الفصل لبري الذي يحتفظ بالورقة المستورة، وشعاره “المجلس النيابي سيد نفسه”. والاسئلة المطروحة: كيف ستتعامل “القوات اللبنانية” اذا طرح بري على جدول اعمال الجلسة التشريعية قوانين دسمة، كالكابيتال كونترول وغيرها ؟ ماذا عن موقف جعجع عندها وكيف سيتصرف ؟ هل يؤمن الغطاء المسيحى من اجل التمديد ؟ هذه الامور غير واضحة حتى الآن والحسابات دقيقة، ولذلك تطرح بعض الكتل العودة الى حكومة تصريف الاعمال لانقاذ ماء وجه الجميع تشريعيا.
واشار المطلعون على الملف الى ان جوهر الخلاف بقاء قائد الجيش او عدمه، دون الاكتراث لما يحيط بالبلد من متغيرات ورسم خرائط جديدة، بالاضافة الى ما يجري في الجنوب من حرب حقيقية، وهذا ما يكشف ضحالة الحياة السياسية في لبنان، والحاجة الى ” قامات سياسية” تعرف التعامل مع الازمات بمنطق رجال الدولة وليس النكايات، في اخطر ظرف يمر على المنطقة منذ نكبة فلسطين.
واكد المطلعون ان الصورة سوداوية داخليا وخارجيا بالمطلق، و”اسرائيل” مخولة اميركيا واوروبيا وعربيا وخليجيا القضاء على حماس والجهاد الاسلامي، والانتقال بعدها الى جنوب لبنان، وبالتالي لا مجال لانصاف الحلول، والحرب على حد السيف ” يا قاتل يا مقتول” ، والخيارات محدودة وضيقة. فالقرار “الاسرائيلي” واضح لجهة القضاء على حماس وقتل قادتها وتهجير من بقي حيا من قادة كل الفصائل والمثقفين وقادة الرأي ، ومحو كل ما له علاقة بمحور المقاومة، وتسليم غزة لادارة ذاتية باشراف “اسرائيلي” مباشر على كل مفاصل الحياة، وتشكيل اجهزة امنية “بولاء اعمى”، مع احتفاظ العدو الاسرائيلي بالسلطة على رفح ومعبرها، وان نجاح المشروع يتطلب مجازر وحروبا كبيرة وصغيرة على مستوى المنطقة ولبنان.
بالمقابل، لا خيارات امام المقاومين في غزة ولبنان الا القتال، ولم يتركوا للفلسطيني الا طريق الموت او الموت، ولا بديل عن ذلك، هذا النهج سيجعل المواجهات طاحنة وطويلة الى ما بعد شهر شباط، ومَن يرفع الراية البيضاء ويصرخ اولا سيدفع الثمن. فالمخطط الاميركي – الصهيوني سيستمر، فبعد حماس سيأتي دور حزب الله و الحوثيين ، وصولا الى الحشد الشعبي و تطويق ايران. وهنا بيت القصيد، وهذا يعني اميركيا وفرنسيا فتح حرب الـ ١٠٠ عام واكثر، ولن يسلم لبنان من التداعيات مطلقا، وهذا يفرض ابعاد الجيش عن التسريبات والمزايدات ولعبة المصالح الضيقة.
ولذلك، المنطقة دخلت نفقا مظلما، والفوضى سمة المرحلة المقبلة، وطوفان الاقصى جعل العدو الاسرائيلي يرقص على حافة الهاوية، بعد ان هز كيانه بشكل جدي للمرة الاولى منذ نكبة فلسطين عام ١٩٤٨.
وفي ظل هذه الظروف، الكلمة ستبقى للميدان، فمَن يتقدم سيحصد النتائج، ومَن يتراجع سيخرج من معادلات المنطقة، فاما تسوية مشرفة واما هزيمة واستسلام ، ولا حلول. اخرى . وهذا ما يجب ان يعرفه اللبنانيون، فاذا قبلت “اسرائيل” بوقف اطلاق النار بالتوازنات الحاليةـ تكون قد انتهت وخرجت من المعادلات وفقدت دورها ومبرر وجودها، واذا واصلت حربها فالمأزق اكبر . ومن هنا الكلمة للعسكر حتى اشعار آخر، اما “الحرتقات” اللبنانية ليس لها اي صدى، وليست في قاموس احد.
وتؤكد المعلومات انه سيتم الحل في الجيش دون اية خسائر او تصدعات في هيبته ودوره، قبل اواخر كانون الاول بموافقة الجميع، وصيغ الحلول كثيرة عندما يأتي القرار، رغم ان البعض لم يتمكن من القفز فوق تاريخ ١٠ كانون الثاني ومغادرة العماد عون اليرزة، واعتبار ذلك نصرا شخصيا يشكل تعويضا عن كل خسائره السياسية.