Site icon IMLebanon

لا معطيات بإزالة عقبات التمديد لقائد الجيش ومخاوف جديّة من سيناريو تعطيلي

 

يرتفع منسوب الخشية من انزلاق الأمور في جنوب لبنان نحو الأسوأ، بشكل يثير المخاوف على الأوضاع الأمنية في المناطق الحدودية، مع استمرار التصعيد العسكري وعلى نحو غير مسبوق بين «حزب الله» وإسرائيل التي لجأت إلى اتباع أسلوب التدمير الممنهج في العديد من القرى والبلدات الجنوبية، وحتى البعيدة من خطوط المواجهة، باستهداف المنازل والأبنية بشكل مباشر، في وقت واصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم ضد «حزب الله» ولبنان، وفي حين كثّف «الحزب» عمليّاته ضدّ المواقع الإسرائيلية الحدودية، مستخدماً صواريخ بركان التي ألحقت خسائر بشرية ومادية كبيرة. وهذا يؤشر إلى أن الأمور مقبلة على مرحلة تصعيدية بالغة الخطورة، مع ارتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية، تزامناً مع اشتداد الحرب الإجرامية ضد قطاع غزة والضفة الغربية، وما خلفته من آلاف الشهداء والجرحى في صفوف الفلسطينيين.

ومن أجل تدارك أي انفجار محتمل للجبهة الجنوبية، فإن باريس تسعى بكل إمكاناتها، لنزع فتيل الانفجار بين لبنان وإسرائيل، والعمل من أجل الحصول على ضمانات من الطرفين بإعادة الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي يكثر الحديث حول وجود نوايا إسرائيلية من أجل تعديله، بهدف تغيير قواعد الاشتباك، في ظل عدم وجود أي توجه فرنسي لتعديله. وقد علم أن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، ستزور لبنان، الجمعة المقبل، في زيارة ليومين، تحضيراً لإمكانية زيارة محتملة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت، بين 21 الحالي و23 منه، لكن دون صدور ما يؤكد هذا الاحتمال رسمياً، لا في باريس أو في بيروت حتى الآن.

 

وفيما أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يوانت غالانت، إلى أن «إسرائيل منفتحة على إمكانية التوصل إلى اتفاق مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران شريطة أن يتضمن هذا الاتفاق منطقة آمنة على الحدود وضمانات مناسبة»، لفتت وسائل إعلام إسرائيلية، إلى ان «مستوطنات المطلة وشتولا وكريات شمونة وغيرها من المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان هي في مرمى الصواريخ طوال الوقت». وأشارت إلى أن «حزب الله موجود قرب الحدود ويزيد من إطلاق الصواريخ المضادة للدروع وإطلاق النيران يصبح أكثر دقة وخطورة». وهذا يشير بوضوح إلى أن «حزب الله» يشكل مصدر تهديد حقيقياً لإسرائيل، لا يمكن أن تقبل باستمراره في المرحلة المقبلة . ولهذا فإنها تعمل بكافة الوسائل من أجل إبعاده عن حدودها الشمالية.

 

ولم يكن مستغرباً، إزاء عنف القصف الهمجي على القرى والبلدات في الجنوب، أن ترتفع وتيرة الإجرام الإسرائيلية، حد تهديد وزير مالية العدو، بأنه في حال تجرّأ «حزب الله»، فإن الجيش الإسرائيلي سيسوّي لبنان وبيروت بالأرض، وقبله مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الذي قال إن بلاده، ستضطر للتحرك ضد «حزب الله» لوقف تهديد مواطنيها بالشمال، ومؤكداً أن الوضع في الشمال سيتغيّر إذا لم يتراجع «حزب الله»، في الوقت الذي تثير الاعتداءات المتواصلة على الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل» الكثير من الأسئلة عن أهدافها وما ترمي إليه، ولا سيما أن أوساطاً متابعة تعتبر أن استهداف وحدات حفظ السلام في الجنوب، بعد الجيش اللبناني، مؤشر بالغ الخطورة، ويخفي أبعاداً عدوانية في المرحلة المقبلة، عدا عن كونه يشكّل استهدافاً مباشراً كذلك للقرار 1701 الذي يتمسّك به لبنان، وتعمل قوات الطوارئ الدولية على تنفيذه في مناطق تواجدها. وهذا يؤكد أن إسرائيل تريد بكل وضوح تجاوز هذا القرار الدولي، في إطار سعيها لتغيير قواعد اللعبة وفرض معادلات جديدة، لضمان أمنها على حدودها الشمالية.

 

وإزاء هذا الواقع الميداني الملتهب الذي يخشى معه أن تخرج الأمور عن السيطرة في أي وقت، ومع استمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر الثالث توالياً، فإن جبهة جنوب لبنان المشتعلة، تهدد بتمدد الصراع إلى الإقليم، في ظل تزايد الهجمات على القواعد الأميركية في الخليج، وفي استهداف السفن الإسرائيلية من قبل جماعة الحوثي. ومن أجل محاصرة أي حريق يمكن أن يندلع من جنوب لبنان، فإن هناك حراكاً دولياً على قدر كبير من الأهمية، وفقاً ، تقوده الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، للتخفيف من حدة المواجهات على الجبهة اللبنانية.

وعلم في هذا الإطار، أن وفوداً سياسية وأمنية أميركية وفرنسية، تجهد بين لبنان وإسرائيل في زيارات مكوكية، سعياً من أجل التوصل إلى تسوية بين الدولتين على قاعدة القرار الدولي 1701، وخصوصاً المادة الثامنة التي تنص على تحييد المنطقة الممتدة من الحدود اللبنانية وحتى شمال نهر الليطاني. وعلم أن زيارة الوفد الأمني الفرنسي الأخيرة لبيروت، هدفت إلى دفع الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات من أجل التقيّد أكثر بالقرار 1701، بما يساعد على تعزيز الاستقرار في الجنوب، وبما يمنع إسرائيل من القيام بأي عمل عسكري ضد لبنان، في إطار سعيها لإقامة منطقة خالية من سلاح «حزب الله» على حدودها الشمالية . وإن كان هذا الأمر مجرد حديث غير قابل للتنفيذ في ظل الأوضاع الراهنة.

إلى ذلك، وفي وقت لا زالت الضبابية تغلّف موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وسط تبادل الاتهامات بعرقلة أي خطوة من هذا القبيل، عقد تكتل «الجمهوريّة القويّة» اجتماعاً، جرى خلاله نقاشٌ حول الجلسة التشريعيّة التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، غداً، في ظلّ معلوماتٍ تلّقاها التكتل عن التحضير لسيناريو لعدم إقرار تأجيل تسريح قائد الجيش في الجلسة. وتالياً رمي الكرة في ملعب حكومة تصريف الاعمال التي قد تعقد اجتماعاً لها بعد غد.

وقرّر التكتل المشاركة في الجلسة، على أن تُستكمل الاتصالات في الساعات المقبلة، علماً أنّ اتصالاً حصل بين النائب جورج عدوان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حيث نقل الأول أجوائه الى رئيس حزب «القوات اللبنانيّة» سمير جعجع الذي اتصل بدوره بالبطريرك بشارة الراعي لتنسيق المواقف. لكن دون بروز معطيات تؤشر إلى أنه تمت إزالة العقبات من أمام التمديد لقائد الجيش بشكل نهائي. وفي ظل تحذيرات جديّة من سيناريو تعطيلي للتمديد، سواء في مجلس النواب، أو عبر حكومة تصريف الأعمال.