Site icon IMLebanon

حرب «القيادة» أم «الرئاسة»… الخيارات تضيق: التمديد أم طوني قهوجي؟

 

 

تشتدّ المعركة السياسية المُغلّفة بالعقد القانونية والميثاقية على منصب قيادة الجيش، على وَقع اقتراب انتهاء ولاية القائد الحالي العماد جوزف عون منتصف الشهر المقبل، وسط غموض يعتري المعابر الدستورية للخيارات المتاحة والتي تراوحت بين تعيين قائد جديد في مجلس الوزراء مع سلّة تضم رئيساً للأركان وأعضاء المجلس العسكري، أو تسلّم الضابط الأعلى رتبة، أو تعيين رئيس للأركان يتسلّم مهام وصلاحيات قائد الجيش وفق ما ينص قانون الدفاع، وبين التمديد للقائد الحالي الذي يبقى قائماً طالما لم ترسُ البورصة على خيارٍ حاسم، على الرغم من تراجع فرصه في الأيام القليلة الماضية بعد تزخيم قنوات التشاور على خط «الضاحية» – «الرابية».

أمام كل هذه الخيارات، تُحذّر مصادر مُتابعة من معركة صلاحيات بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش بحال فُرِض التمديد للأخير بقرار حكومي وفق فتوى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، علماً أنّ مصادر سياسية وأجواء بكركي ترى بأن التمديد أفضل الخيارات في الظروف الإستثنائية والتحديات التي تواجه لبنان، وتُبدي مخاوفها من أمرين: الأول تسجيل سابقة بإجراء تعيينات في مناصب مارونية رفيعة في ظل الشغور الرئاسي، والثاني اكتمال الفراغ الميثاقي في المناصب المسيحية – المارونية الثلاثة الأساسية في الدولة رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش.

 

فهل تنجح مساعي ربع الساعة الأخير من إبعاد شبح الفراغ عن رأس المؤسسة العسكرية؟ وما هو الإحتمال المرجّح؟

 

تُشبه خريطة الإصطفافات السياسية حيال رئاسة الجمهورية الى حدٍ ما الإنقسامات حول قيادة الجيش.

 

يعتبر «التيار البرتقالي» أن المعركة على قيادة الجيش ليست على منصبٍ ماروني فحسب، بل تتعداها إلى العلاقة الشخصية المتردية بين الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل مع قائد الجيش منذ 17 تشرين 2019، ومعركة سياسية أيضاً لاعتبار «التيار» أنّ التمديد للعماد عون يهدف الى إبقائه على قيد «الحياة الرئاسية» لتسهيل عبوره من اليرزة إلى قصر بعبدا. ولذلك رفع باسيل الأسبوع الماضي سقف التصعيد ضد قائد الجيش ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي محذّراً من التمديد، فيما بادر الرئيس عون للتواصل مع قيادة «حزب الله» لإبلاغها الرفض الشديد لهذا الخيار بوصفه انقلاباً على القانون والدستور، فيما تولّى باسيل إبلاغ المعنيين موافقته على الخيارات التالية: تعيين رئيس للأركان بمرسوم جوّال باقتراح وزير الدفاع وتوقيع الـ 24 وزيراً (ينوبون عن رئيس الجمهورية) على غرار الآلية التي اعتمدت في حكومة تمام سلام. تعيين قائد جديد للجيش، أو ضمن سلّة تعيينات في الأركان والمجلس العسكري بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع وتوقيع الـ 24 وزيراً، فيما يلوّح «التيار» بالطعن بقرار التمديد من دون توقيع وزير الدفاع.

 

لكن يؤخَذ على باسيل وفق مصادر سياسية معارضة له، تراجعه عن شرطه عدم جواز التعيين في ظل الفراغ الرئاسي، ويتهمونه بأنه مستعد للقفز فوق الدستور لتحقيق مصلحته بالتخلص من قائد الجيش من قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية معاً.

 

لا يُحبّذ «حزب الله» التمديد لقائد الجيش لأسباب سياسية تتعلق بالعلاقة الفاترة بين «الضاحية» و»اليرزة»، ولن يستفزّ حليفه «التيار» كُرمى لعيون قائد الجيش، كما لن يقدم هدية مجانية لواشنطن التي تهدد وتتوعّد الحزب بالحرب. وبالتالي، لن يُخاطر بالعلاقة مع «التيار» لا سيما بعد رأب الصدع بينهما غداة الخلاف حول رئاسة الجمهورية الذي وضع العلاقة على شفا الطلاق السياسي وانهيار تفاهم مار مخايل. لكن لم يضع «فيتو» على التمديد لعون ويسير بأي اقتراح يشكل توافقاً سياسياً.

 

الرئيس نبيه بري كما الرئيس نجيب ميقاتي لا يريدان الرضوخ لمطلب باسيل وفرض أعراف كتوقيع الـ24 وزيراً لأنه يؤدي الى تحكّم «التيار» بعمل مجلس الوزراء وقراراته، والأخطر أنه يُعرّض قرارات مجلس الوزراء للطعن مع مفعول رجعي منذ تحوّل الحكومة الى تصريف الأعمال في أيار 2022، كما يريد ميقاتي تمرير التمديد استجابة للمطلب الأميركي.

تسعى «المختارة» لإبعاد كرة نار الفراغ عن رئيس الأركان في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، ويدرك «البيك» حجم علاقة «اليرزة» مع واشنطن والملفات الدقيقة ذات البعد الأمني والقومي التي قد لا تحتملها علاقة الإشتراكي الراهنة بـ»حزب الله»، وفي الوقت نفسه لا يريد جنبلاط معارضة الرأي المسيحي الروحي والسياسي، علماً أنّ التيار الوطني الحر يؤمن التغطية السياسية والميثاقية لتعيين قائد جديد في مجلس الوزراء، ولهذا يفضّل «الإشتراكي» سلة تعيينات تشمل قائداً للجيش ورئيساً للأركان وأعضاء المجلس العسكري، لا التعيين في رئاسة الأركان فقط.

 

ويقول مطلعون إن واشنطن ليست من يفرض قائد الجيش في لبنان، والدليل أن الرئيس ميشال عون هو من اختار العماد جوزف عون، لكن الأميركيين يملكون «الفيتو» على أي قائد للجيش لا يرتاحون إليه، وبالتالي لن يتمسكوا بالقائد الحالي إن لم ينجحوا بالتمديد له، لكنهم سيناقشون في البديل الى حد استخدام «الفيتو» على أي اسم لا يؤمن استمرارية مصالحهم الأمنية والحيوية.

 

ويلفت المطلعون الى أنّ خيار التمديد تراجعَ الى حدٍ كبير، لأنّ دونه عقبات عدة: توقيع وزير الدفاع، والطعن أمام مجلس شورى الدولة، ويذكّرون بقرار «مجلس شورى» قبول الطعن المقدّم من العميد حميد اسكندر ضد تأجيل تسريح قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، وهذا ما واجَه به وزير الدفاع السفيرة الأميركية عندما تَمنّت عليه توقيع مرسوم التمديد للقائد الحالي. ويبقى خيار واحد: تعيين قائد جديد هو مدير المخابرات العميد طوني قهوجي الأوفر حظاً، والذي زار عين التينة منذ أيام، فيما يواجه خيار تكليف وزير الدفاع الضابط الأعلى رتبة إشكالية قانونية كَون اللواء بيار صعب نُقِل من مؤسسة الجيش الى المجلس العكسري ورُقّي الى رتبة لواء، ومن الصعب إعادته الى الجيش وتكليفه قيادته.