IMLebanon

كرة النار بين «النجمة» و«السرايا» والجيش في خطر.. هل حُسِم «التمديد»؟

 

لا تزال كُرة نار «التمديد» لقائد الجيش العماد جوزف عون تتأرجح بين «ساحة النجمة» والسرايا الحكومية، ففي حين تقبع «الفتوى الدستورية» التي أعدّها الأمين العام لمجلس الوزراء في أدراج القصر الحكومي، ينكبّ «المطبخ السياسي – التشريعي» في المجلس النيابي على إنضاج «طبخة» تُتيح إبقاء عون في منصبه مُحصّنة دستورياً وقانونياً وسياسياً. فهل حُسِم التمديد أم لا يزال خيار تعيين قائد جديد للجيش في مجلس الوزراء حياً؟.

يشير مطلعون إلى أنّ «حزب الله» أبلغ الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفضه المشاركة في جلسة حكومية على جدول أعمالها بند تأجيل تسريح قائد الجيش، لعدم دستوريته، كونه يحتاج إلى توقيع وزير الدفاع إلا إذا حصل توافق سياسي حوله، في موازاة تأكيد «الحزب» للمستفسرين عن موقفه، انفتاحه على كافة الخيارات وفق الدستور والتي تؤمّن استمرارية عمل المؤسسة العسكرية وتقِيها خطر الفراغ.

أما تعيين قائد جديد للجيش، فحجبَ ميقاتي النظر عنه، في ضوء موقف القيادات المسيحية ولا سيما منها البطريرك بشارة الراعي، الرافض إجراء تعيينات بغياب رئيس الجمهورية.

 

انطلاقاً من هذا الإستعصاء الحكومي، إنتقل «الطباخون» إلى «المطبخ التشريعي» لإخراج الطبق من مجلس النواب، بإقرار قانون لرفع سن التقاعد ستة أشهر لرتبة عماد وفق مبدأ «الشمولية» يستفيد منه العماد عون.

 

وإذ لم يُحسم ما إذا كان القانون سيشمل رتب لواء وعميد وفق اقتراح قانون تكتل «الإعتدال»، يقول دستوريون إن المقصود بالتعديل هو المادة 56 من قانون الدفاع، ولكي يكون التعديل دستورياً يفترض أن يكون تشريعاً شمولياً وعمومياً لا يقتصر على منفعة أحد، وبالتالي يتوجّب انتظار الصيغة التي ستخرج من مجلس النواب لمعرفة إمكان الطعن بها أمام المجلس الدستوري. ولذلك فإن «القانون يجب ألا يصدر لمرة واحدة، بل رفع سن التقاعد لكافة من يحملون رتبة عماد لتصبح 61 عاماً من الآن فصاعداً، وبهذه الحالة يتّسِم التشريع بالشمولية والعمومية يجنبه الطعن». ويبيّن الخبراء أنّ لـ«الدستوري» مهلة شهر من تاريخ تقديم الطعن للبت به، وإلا يعتبر مردوداً والقانون نافذاً.

 

ويُطمئِن عاملون على «حياكة» القانون إلى أن «الدستوري» لن يخرج عن شبه الإجماع السياسي والتوجّه الخارجي للتمديد رغم أن لديه احتمالات ثلاثة: قبول الطعن وهذا مُستبعد، ردّه، عدم البت، وحينها يصبح نافذاً.

 

هذا في القانون، أما في السياسة، فإن إخراج الحل من «أروقة البرلمان» يُناسب الجميع لا سيما «حزب الله» لأسباب عدة:

 

– يُبعِد الفراغ عن المؤسسة العسكرية الوحيدة الضامنة للسلم والإستقرار الداخلي، لا سيما في الأخطار الراهنة.

– يتجنب الإحراج مع «التيار»، بسد أبواب التمديد في الحكومة، ومرّ القانون في المجلس من دون حضور أو تصويت كتلة «الحزب» النيابية. والخيار المرجح: حضور كتلة الوفاء للمقاومة الجلسة وانسحابها فور طرح بند رفع سن التقاعد، علماً أن نصاب انعقاد الجلسة (65) ونسبة التصويت المطلوبة لإقرار القانون (33 صوتاً فقط)، متوافرين بلا كتلة «الوفاء».

 

– إحتواء الضغط الدبلوماسي الخارجي الذي يُمارس يومياً على لبنان لإبقاء العماد عون في منصبه لوجود ترتيبات بين لبنان والأميركيين والأوروبيين في ملفات أمنية تتعلق بالمصالح الحيوية الأميركية في لبنان والمنطقة وتمُس الأمن القومي الأوروبي، لا سيما ضبط الحدود الشمالية – الشرقية مع سوريا ومنع التهريب والهجرة اللبنانية – السورية غير الشرعية الى أوروبا، بالإضافة إلى دور الجيش بالتعاون مع قوات اليونفيل في تطبيق القرار 1701 لتفادي توسع الحرب في الجنوب.

 

يُقدّم متابعون للملف رواية أخرى مفادها أنّ «الثنائي الشيعي» لم يحسم موقفه حتى الساعة، فـ«الحزب» لديه اعتبارات تحول دون السير بالتمديد للقائد الحالي، انطلاقاً من الملاحظات التي يسجلها على أدائه، ولا يريد منح الأميركي هدية في ذروة التهديدات له، وينظر بريبة إلى الإصرار الخارجي على التمسك بالتمديد لقائد الجيش، وربطه بتطبيق القرار 1701.

 

ولا يُقلل المتابعون من البعد السياسي والرئاسي للتمديد للقائد، فإذا نال نسبة أصوات وازنة فإنّ ذلك يعتبر مؤشراً يُقاس على استحقاق رئاسة الجمهورية، فيما تستغرب مصادر «التيار» ترشيح السعي للتمديد لقائد الجيش وفي الوقت نفسه هو مرشح للرئاسة! فيما يعتبر نواب أن الدعم الخارجي للتمديد لعون يسقطه كمرشحٍ رئاسي توافقي.

 

وثمّة من يقول إن «الحارة» لن تفرّط بالعلاقة مع «الرابية» كُرمى لعيون قائد الجيش، علماً أن زوار الرئيس ميشال عون ينقلون عنه أن إخراج قائد الجيش من «اليرزة» هي معركته وبقاء الأخير فيها يعني تمديد فرصة وصوله إلى بعبدا.

 

لكن في حال مُدِّد للقائد وتم انتخاب رئيس للجمهورية، من يتولى قيادة الجيش ريثما يتم تأليف حكومة وتعيين قائد جديد؟. يتحسّب «طبّاخو» التمديد لذلك، ويسعون لتعيين رئيس للأركان في مجلس الوزراء لكي يتولى مهام القائد في حال تم انتخاب رئيس أو انتهت ولاية القائد الممددة.

 

يجري الهمس في كواليس المجلس انّ دعوة الرئيس بري لجلسة تشريعية ليست سوى واجب دستوري واستجابة لمطلب البطريرك الراعي، ولا تعني موافقة «شيعية» على التمديد الذي سيوضَع في آخر قائمة جدول الأعمال المُثقل بمشاريع واقتراحات القوانين المتفجرة، مثل «الكابيتال كونترول» والموازنة وغيرها التي لم تتسِع سنوات لِبتّها فكيف تُبتّ في جلسة واحدة أو جلستين؟. وهل سيربط رئيس المجلس بين البنود؟ في هذه الحالة الوقت لن يُسعف المجلس، في ظل انشغال النواب بعطلة الأعياد. واستطراداً هل تكسر «القوات اللبنانية» موقفها برفض التشريع بظل الفراغ الرئاسي؟ أم تحضر فقط عند طرح بند رفع سن التقاعد؟.

 

يتردد في الكوليس أنه وفور حلول الساعة 12 من ليلة 10 كانون الأول المقبل، سيصدر وزير الدفاع موريس سليم قراراً بتعيين الضابط الأعلى رتبة في الجيش وفق قانون الدفاع، ورغم الآراء القانونية التي تؤكد لاقانونية هذا القرار كون العميد بيار صعب مفصول بقرار من مجلس الوزراء من مؤسسة الجيش الى المجلس العسكري، ولا يُمكن إعادته إلا بقرار من مجلس الوزراء، يُبرر الداعمون بأنّ صعب لا يزال ضابطاً متفرغاً في الجيش وإن كان عضواً في المجلس العسكري… فهل سنشهد قائدين للجيش في «اليرزة» وتضارباً في الصلاحيات والإمرة ما ينعكس على وحدة الجيش ومهامه؟.

 

وفق مصادر نيابية شاركت في اجتماع هيئة مكتب المجلس أمس، فإنّ التمديد لم يُحسم حتى الساعة وقد تحصل مفاجآت في ربع الساعة الأخير ويَستردّ مجلس الوزراء كرة النار، والأمور مفتوحة على كافة الخيارات.