IMLebanon

قائد جيش لسنتين او تمديد لسنتين: الحكم الموقت

بين التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي لسنتين، او تعيين العميد شامل روكز قائداً لسنتين أيضاً، ثمة مفارقة تتعلق بوضع الجيش في حال الموقت في انتظار المرحلة التي تلي انتهاء خدمة كليهما

بعيدا عن المفاوضات والاتصالات لحسم ملف التعيينات الامنية، وبغض النظر عن الآليات التي سيعتمدها تكتل التغيير والاصلاح للضغط على الحكومة لتمرير هذه التعيينات الامنية، وخصوصاً في قيادة الجيش، ثمة مفارقتان يتحدث عنهما أحد السياسيين في الربط بين التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي او تعيين المرشح الأبرز حالياً، العميد شامل روكز، خلفاً له.

تتمثل المفارقة الاولى في مقاربة مدة السنتين المطروحتين للتمديد لقهوجي الذي تنتهي ولايته في ايلول المقبل، او تمديد خدمة روكز سنتين إضافيتين اذا عين قائداً للجيش ومنح رتبة عماد، علماً ان خدمته الاصلية تنتهي في تشرين الاول المقبل. يتساوى الرجلان بخدمتهما المفترضة الجديدة، وان كان قهوجي يستكمل السنوات السبع التي خدم فيها في اليرزة. اما المفارقة الثانية فهي ان تعيين قائد جديد للجيش سيكون، للمرة الاولى، في غياب القائد الاعلى للقوات المسلحة، اي رئيس الجمهورية.

من هنا، فان المعركة الحالية حول التعيين او التمديد، تعني ان من يسعى الى هذا الامر أو ذاك، سلّم جدلاً بأن موقع قيادة للجيش لن يكون مرتبطاً برئيس الجمهورية، سواء انتخب الرئيس المقبل ام لم ينتخب، ما دام التعامل مع منصب القيادة يتم على اساس انه تعيين اداري بحت، شأنه شأن اي موظف من الفئة الاولى، وليس على اساس انه أعلى منصب ماروني يأتي بعد رئيس الجمهورية.

وكذلك تعني ايضاً ان اي حل لقيادة الجيش محصور بين التمديد لقهوجي لسنتين او اختيار روكز الذي لن يبقى في منصبه الا سنتين تزاد على سني خدمته، سيجعل قيادة الجيش تقع تحت حكم الموقت والمرحلة الانتقالية، نظرا الى الضغوط التي سترافق الاحتمالين وتترك آثارها على الجيش كما حصل في العامين الاخيرين، قبل ان يصار الى تعيين قائد جديد بولاية «كاملة».

تشكل قيادة الجيش، ولو لسنتين فحسب، طموح كل ضابط ماروني، لأن اي وظيفة عسكرية او سياسية اخرى لها مثيلاتها الكثير، لكن يوجد فقط قائد واحد للجيش، بحسب ما يقول احد السياسيين، كما ان هناك رئيس جمهورية واحداً. لكن الظروف التي تحتم اليوم اختيار قائد جديد، لا تأخذ في الاعتبار الا ملء المركز بقائد جديد او التمديد، تماشيا مع متطلبات المرحلة داخليا وسط الضغوط التي يمارسها رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون لتعيين خلف لقهوجي، والمطالبات المقابلة بدعم التمديد تحاشيا للفراغ في المؤسسة العسكرية.

بين الوجهين، ثمة من يطرح ضرورة فصل التعيينات في قوى الامن الداخلي، سواء في منصب المدير العام او قائد الدرك، عما يحيط بقيادة الجيش. فربط الملفين لا يصب في مصلحة الجيش، اذ ان وضعيته وموقعه وتركيبته وعمله تختلف كليا عن قوى الامن الداخلي. وثمة من يدعو الى الاستعجال في حل ازمة قيادة الجيش، وعدم ترك الوضع معلقا حتى ايلول. وينطلق المدافعون عن هذه الفكرة من وضع المؤسسة حاليا، في ظل التبديلات التي تطال مراكز قيادية فيها، والظروف الامنية الحالية التي تعطي وضع الجيش بعداً خاصاً وسط المخاطر المحدقة بلبنان.

فأي قائد جديد للجيش قد يعين في النصف الثاني من الصيف، سيأتي من دون فريق عمل متكامل، اذ يسبق مجيئه الى اليرزة تعيين مدير جديد للمخابرات خلفا للعميد ادمون فاضل، اضافة الى تعيين مدراء المخابرات في عدد من المناطق وبدلاء عن مسؤولين آخرين يحالون تباعا على التقاعد. وهذا امر ليس بسيطاً في العرف العسكري، ان يحل قائد الجيش على تركيبة شبه جاهزة، ليس بالضرورة ان يكون منسجما معها، او ان يعمد الى تغييرها فور تسلمه مهامه، بما يمكن ان يترك ذلك من ارتدادات في صفوف الضباط والوحدات المعنية. ناهيك عن دور وزير الدفاع في اي تعيينات مقبلة وعدم توافقه مع القائد الجديد وامكان تعطيله لما لا ينسجم مع رؤيته، لا سيما اذا كان من غير المؤيدين اساساً لمن سيعين على رأس المؤسسة العسكرية. هذا اذا استبعدنا بالمطلق حتى الان احتمال انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأثيره على القيادة الجيش كونه القائد الاعلى للقوات المسلحة، ومفترض ان يتعايش مع قائد الجيش مهما كان وضعه، ممددا له او معينا.

وكذلك فان الظروف الامنية الحالية تقتضي قيام منظومة امنية متكاملة ومتجانسة، من رأس الهرم وحتى اسفله، كي تتمكن من مواجهة التحديات الامنية من دون الدخول في متاهات الحساسيات والحسابات الشخصية والداخلية. علما ان قهوجي مدد لمدير المخابرات اكثر من مرة بحجة بسبب الظروف الامنية التي لا تسمح بتغيير تركيبة تحتاج وقتا كي تتآلف في ما بينها، فيما تفترض المخاطر الامنية عدم السماح باضاعة الوقت في تغييرات قد تكون في غير اوانها.

وبغض النظر عن الارتباط الذي اصبح امرا واقعا بين اليرزة وقصر بعبدا، فان ثمة ملابسات تتعلق بالمؤسسة العسكرية نفسها التي باتت تحت سقف مجموعة من الضغوط سواء كانت مرتبطة بالرئاسة او بالحسابات داخلها وخارجها. وكل ذلك يفترض ان يكون على الطاولة عند البحث الجدي بمصير قيادة الجيش.