IMLebanon

عيد الجيش واتفاق الذل

 

شاءت المصادفة أن يحل عيد شهداء الجيش، هذه السنة، مع اشتعال سعير المعارك، بين فصائل فلسطينية، داخل مخيم عين الحلوة، ليُهرق الدم الفلسطيني مجّاناً ، جرّاء صراع بغيض على السلطة والنفوذ، بينما يُراق الدم الفلسطيني الطهور، في مواجهة صلَف العدو الصهيوني، في الأرض المحتلة.

 

وما يزيد في هذه المأساة وجعاً أن الجيش اللبناني لا يستطيع أن يتدخل لوقف الاقتتال لأن مندرجات اتفاق القاهرة، سيىء الذكر، ضربت السيادة اللبنانية في الصميم، وأعطت السلاح الفلسطيني السيادة على مناطق لبنانية استراتيجية، ولكن ذلك سقط بالأمر الواقع  بفعل عدوان 1982 الذي شنه جيش الحرب الاسرائيلي،  لتبقى الإمرة، في المخيمات وحدها، بيد القيادة الفلسطينية.

 

ولسنا ممّن ينكأون الجراح فنغوص بتفاصيل ذلك الاتفاق المشؤوم الذي ترتّبت عليه تداعياتٌ قاتلة على لبنان وطناً وكياناً وشعباً(…)، فقط نذكّر باثنتين، الأولى أن الرئيس الراحل المرحوم جمال عبد الناصر استغرب، الى حد الاستهجان، مقدار التنازلات التي قدّمها المفاوض اللبناني. وأما في الثانية  فنشير الى مفصل  لا يُصَدَّق، وهو أن مجلسَي الوزراء أقرّا الاتفاق، في حينه، من دون أن يطّلع أعضاؤهما على مضامينه. يومها قال الراحل الكبير المرحوم ريمون اده، الذي عارض الاتفاق، عبارته الشهيرة: كيف أوافق على اتفاق غير مسموح لي أن أقرأه بينما اطّلع سائق ياسر عرفات على بنوده؟!.

 

وفي تقديرنا أنه لن يستقيم الوضع في لبنان، لا بإصلاحات مهما علا شأنها وأهميتها، ولا بأي أمر آخر، ما لم تعُدْ الإمرة في المخيمات الى الجيش وسائر القوى والأجهزة الأمنية اللبنانية، وجمع السلاح من حامليه في المخيّمات، لأنه فقد «وظيفته» المبدئية، أي مواجهة العدو الاسرائيلي، وباتت مقتَصَرة على الاقتتال الداخلي الشنيع في ما بين الفصائل، وأيضاً في خدمة الزعران والمجرمين وفارضي الخوات. ومَن يزعم أن السلاح لمحاربة العدو فما عليه سوى التوجه الى فلسطين المحتلة.

 

في هذا الوقت المأزوم نتطلع الى قيادة جيشنا الباسل الحبيب متوجهين بالتهنئة الصادقة ولنقول للعسكر قيادة وضباطاً ورتباءَ وعناصرَ: قلوبنا معكم ولكن في الحلق غصّة لأن السياسة «نجحت» في أن تحول دون قيام العرض المركزي كما يحب أن يُقام تحت لمع البيارق والسيوف التي من حق الضباط الشباب الخرّيجين، مستحقيها، أن يتقلدوها من رئيس الجمهورية. وليحفظ الله الجيش ليبقى لبنان.