طغت التطورات الاقليمية المتسارعة وفي شكل خاص الدخول الروسي على خط الازمة السورية والتحركات الدولية لتوضيح اسباب وابعاد الخطوة على ما عداها من ملفات مأزومة متجمعة في المشهد السياسي الداخلي في انتظار حلول لا يبدو ان ايا منها ناضج كفاية لارتباط معظمها عمليا بالتسويات الجاري العمل على نسجها لازمات المنطقة لاسيما السورية منها.
فمع انسداد الأفق الإقليمي – الدولي لأي تسوية تنهي الفراغ الرئاسي، تجد البلاد نفسها أمام حلقات متشابكة من الأزمات الداخلية بحسب مصادر متابعة، التي بدا أنها تتجه من مرحلة محاولة تفكيك تعقيداتها الى الوقوع في «شِباكها» التعطيلية، بما ينذر بتحويل البلاد الى حلبة مصارعة، على وقع تهاوي التسوية التي كان يجري العمل عليها في قضية العميد شامل روكز، وبروز بوادر تأزُّم في الأفق على جبهات مؤسساتية عدّة بما يوحي بان ايا من الاطراف الداخلية لم يعد مستعداً في المرحلة الراهنة لتقديم أيّ تنازلات او دفْع أثمان، حيث بات الجميع يفضّل الاحتفاظ بتموْضعاته وأوراقه بانتظار انقشاع الرؤية في الملف السوري الذي دخل مرحلة حاسمة.
وعلى وقع هذا الانسداد في الحلول، تزايدت المؤشرات الى أن الحكومة تقف على مشارف الدخول في مرحلة من تصريف الأعمال على حد قول المصادر، إما بعدم الانعقاد او اعتكاف رئيسها، وسط قرار عون و«حزب الله» بعدم حضور أي جلسات ما لم تحصل تسوية لملفّ روكز، بدا واضحاً ان رئيس الحكومة تمام سلام اختار التريّث في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، على وقع رفع الحزب سقف التصعيد بوجه تيار المستقبل والسعودية التي تشهد علاقتها بطهران توتراً كبيراً نتيجة تداعيات حادثة مِنى، وسط علامات استفهام تُطرح حول ارتدادات هذا السقف العالي من المعركة الكلامية بين «حزب الله» و«المستقبل» على جولة الحوار الثنائي الجديدة بينهما .
مصادر وزارية اشارت الى ان سلام استجاب لنصيحة الثنائي بري – جنبلاط، بعدم دعوة الحكومة الى الإجتماع اقله قبل : تنفيذ خطة جمع النفايات من شوارع بيروت وجبل لبنان، والمفترض الشروع فيها يوم الاربعاء المقبل، من جهة، ومحطة الحوار الثلاثية الأيام التي تبدأ الثلاثاء في السادس من تشرين الأول وتنتهي الخميس في الثامن منه، والمخصصة لبت موضوع الاستحقاق الرئاسي،من جهة اخرى، حيث ان التوافق عليها، لا بد أن يشمل جميع القضايا والملفات المتصلة بها وعلى رأسها آلية عمل مجلس الوزراء.
واذا كان شلّ الحكومة بات أمراً واقعا، فإن الأنظار تتّجه الى مصير حوار الأيام الثلاثة وسط عدم استبعاد مصادر نيابية إمكان ان يلجأ رئيس البرلمان الى إرجاء موعده، رغم ميل البعض الى ان بري لن يتحمّل مسؤولية إجهاض «مبادرته، وانه سينتظر ما سيقوم به عون ليبني على الشيىء مقتضاه، علما ان جانباً آخر من موقفه بات مرتبطاً بـمعركة الصهر الثاني الكهربائية، لا سيما ان «حزب الله» يفترض ان يكون دخل على خط محاولة رأب الصدع بين حليفيْه، رغم ادراك الجميع ان البديل عن الحوار سيكون الفوضى الأمنية التي لن تكون لمصلحة أي فريق.
ومع تواصل التحضيرات والاجتماعات واللقاءات المتصلة بالتحضير لتظاهرة 11 الجاري «الكبرى» ، على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، في الرابية، والتي يشرف عليها رئيس تكتل التغيير والاصلاح شخصيا ،سواء مع مسؤولي المناطق في التيار، وعلى خط الاتصالات المفتوحة مع الحلفاء في الثامن من آذار وفي طليعتهم حزب الله، رغم عدم حماسة البعض لهكذا خطوة، باعتبار ان اي تصعيد او «خضة امنية» ستاتي بنتائج عكسية وتدفع فريق الممانعة الى القبول برئيس توافقي حفاظا على الاستقرار الذي هو اولوية في الوقت الراهن. وعلم في هذا الاطار ان قيادة الجيش باشرت بوضع خطة امنية تمنع الاحتكاك بين المتظاهرين والقوى العسكرية تفويتا لاي محاولات لزرع الفوضى، في حين اكدت مصادر مطلعة ان محاولات تجري لاحالة موضوع الترقيات الى مجلس الوزراء رغم اعتراض اللقاء التشاوري، لتبرير صفحة تيار المستقبل واظهار عدم معارضته للتسوية باعتبار ان الاعتراض هو من قبل الافرقاء المسيحية في الحكومة،رغم تاكيد مصادر الوطني الحر ان التيار تبلغ عبر الوسطاء مع المستقبل ان «التسوية مش ماشية» صراحة.
ينطلق الأسبوع الحالي من حيث انتهى سياسيا الذي قبله .فخفايا شد حبال التفاوض في ملفي النفايات والترقيات وصولا إلى عمل الحكومة، قد تنكشف مطلع الأسبوع المقبل.على صعيد النفايات، الاتصالات مستمرة، إن كان بين أعضاء الحراك المدني من جهة، أو بين المعنيين من أعضاء الحكومة من جهة أخرى، وكل ذلك لتنفيذ «خطة الممكن» لرفع النفايات، أما في ملف الترقيات، فحوار «حزب الله» – «المستقبل» قدم موعده إلى اليوم، وطاولة الحوار في موعدها الثلاثاء، والموعد هذا مرتبط بدهاليز اللقاءات المكثفة التي عقدت نهاية الأسبوع، والتي حسمت بدورها موعد جلسة الحكومة.