اذا كان شريط الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة العهد الاولى قد سار على ما هو مرسوم له، دون اي مفاجآت سلبية غير متوقعة، بعد التسوية التي تمخضت عنها «جمهورية عونية» ستستكمل مسارها نحو محطة «حكومية حريرية»، ثمة من يسعى الى محاولة زعزعة الوضع الامني من بوابة عين الحلوة، الذي عادت اليه ظاهرة الاشكالات الامنية، تزامنا مع تطبيق خطة امنية جديدة للجيش، استنادا الى ما ادلى به الموقوف عماد ياسين امير «داعش» في المخيم.
في هذا الاطار علم ان وفدا مشتركا من ضباط اللواء الاول في الجيش الذي يتولى مهمة حفظ الامن في محيط المخيم، وضباط من فرع مخابرات الجنوب، برفقة ممثل عن اللجنة الامنية الفلسطينية العليا، قاموا يوم الاربعاء بجولة استطلاعية في محيط مخيم عين الحلوة لجهة حي الطوارئ ، لتحديد الاماكن التي ستقام فيها سلسلة من ابراج المراقبة، في اطار خطة جديدة لضبط امن المناطق المتفلتة من سيطرة السلطة الفلسطينية في عين الحلوة والتي يستخدمها الارهابيون والفارون من العدالة كاوكار للتخطيط والتجهيز لعملياتهم الارهابية كما بينت التحقيقات مع اكثر من موقوف وآخرهم عماد ياسين، خصوصا ان المخيم يقع في منطقة حساسة طائفيا وتحظى باهتمام دولي، نظرا لإشرافها على الطريق الدولي الذي يربط بيروت بمنطقة انتشار قوات الامم المتحدة جنوب الليطاني، والتي تستخدمها «اليونيفيل» في عمليات الامداد اللوجستي وتبديل الوحدات العسكرية، خصوصا انه تم احباط اكثر من عملية كانت تستهدف تلك القوات.
جولة استتبعت امس باجتماع في مكتب رئيس فرع الجنوب في مديرية المخابرات العميد خضر حمود حضره ممثلون عن قيادة الجيش ومن اللجنة الامنية الفلسطينية العليا ناقش خريطة تموضع الابراج التي يعتزم البدء في بنائها خلال ايام على تخوم المخيم. وفي هذا الاطار تشير المعلومات الى حركة مريبة وحملة تحريض تقوم بها المجموعات الاسلامية المتطرفة في منطقة التعمير والزيب، في مقدمها بلال بدر وماهر السعدي التابع لقيادة «الشيشاني» خليفة عماد ياسين في امارة «داعش» – فرع عين الحلوة، بحجة ان تلك الابراج تنتهك حرمة الاعراض والبيوت، فيما الحقيقة تنبع من خوفهما من ان يكون ذلك مقدمة لاعتقالهما، وبحسب التقارير الامنية فان تلك الجماعات ستقوم بعملية استفزاز قد تصل الى حدود مهاجمة ورش الابراج واطلاق النار باتجاهها، نظرا للخطر الذي تشكله على مناطق انتشارهم التي تصبح بموجب الخطة الامنية الجديدة مكشوفة بالنار كذلك التحركات داخل تلك الاحياء.
عليه تؤكد اوساط مطلعة ان القيادة العسكرية اللبنانية ابلغت الجانب الفلسطيني استعدادها لتقديم كل التسهيلات وحرصها على الاعراض وخصوصية المنازل، الا انها في المقابل لن ترضى بأي عمليات ابتزاز ومحاولة عرقلة للخطة الموضوعة والتي تأتي في سياق الاستراتيجية الجديدة المتبعة لضبط امن المخيم ومحيطه بعد الانجازات الامنية النوعية التي حققتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، مشددة على ان قيادة الجيش لن تتنازل عن حقها في السيادة عن كل شبر من الارض اللبنانية وهي لا تطلب اذنا من احد، رغم ترحيبها بالتعاون والتنسيق مع الجانب الفلسطيني لما فيه خير الطرفين، الا انها في الوقت نفسه لن تتساهل في القيام بواجباتها في حماية وتامين سلامة المواطنين اللبنانيين واللاجئين داخل المخيم ، وهو ما بينته الممارسة المتبعة من قبل القوى العسكرية الحريصة على دماء الابرياء، نافية ان يكون الجيش في وارد التراجع تحت اي ضغط او مساومة لارضاء اي كان، رغم انفتاحه على مناقشة اي مقترح.
اما الجانب الفلسطيني فقد ابلغ القيادة اللبنانية ان بعض الاعتراضات التي صدرت عن «عصبة الانصار»، التي احتجت على وجود برجين في الزيب في نقطة قريبة من منزل مؤسسها احمد عبد الكريم السعدي الملقّب بـ «ابو محجن» ومشرفة على منازل قيادات أخرى، الا انه تمت معالجة الامر بالتعاون مع الجانب اللبناني ، مشددة على ان القوة الامنية الفلسطينية المشتركة سترد بحزم وبالشكل المناسب على اي عملية اعتداء من داخل المخيم قد تستخدم ورش البناء وهو ما رحبت به القيادة اللبنانية. يشار الى ان عدد الابراج التي سيتم بناؤها على مراحل يبلغ عددها خمسة بعلو سبعة امتار موزعة على تخوم خط السكة وجورة المحمرة المشرفة على حي الطوارئ والزيب ، ،ستجهز بأجهزة مراقبة واتصال ووسائل رؤية ليلية تسمح للجيش بالسيطرة على اي تحرك داخل تلك المناطق.