يلمس زائر وزارة الدفاع الحركة المكثفة التي تشهدها مكاتب قيادة الجيش، وحجم الملفات المتعددة والكبيرة التي تتم متابعتها، وكيف أن مكتب قائد الجيش العماد جان قهوجي أشبه بخلية نحل لا تهدأ، تسعى إلى سد كل منافذ القوى المعادية وتمنعها من التسرب الى أي بقعة لبنانية لتنفيذ عمليات إرهابية.
فالقيادة، بجميع مديرياتها وفروعها وألويتها وأفواجها ومكاتبها، تدرك جيداً حجم التهديد والمسؤولية الملقاة على عاتقها، وتصر على «عبور لبنان هذه المرحلة الشديدة الخطورة والحساسية بسلام وبلا أي خدوش تؤثر في مسيرة وحدته الوطنية مهما غلت التضحيات».
مباشرة وبكلام واضح «تفتخر المؤسسة العسكرية انها تمارس ديموقراطية كاملة الاوصاف في تعاملها مع الواقع اللبناني، فأهلا وسهلاً بالانتقاد البناء الهادف الى التحسين والتحصين بعيدا من التجني وتهبيط العزائم، مع التشديد على حتمية التوحد على مساحة الوطن عندما تتهددنا الاخطار والمكائد من الارهابين الاسرائيلي والتكفيري».
لا يتردد مصدر عسكري رفيع في إبداء سعادته واعتزازه كون «الجيش حمى الديموقراطية وحافظ عليها، وتجربة استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية كانت خير مثال على قدرة حماية هذه الممارسة الديموقراطية بما لا يشوبها أي قهر أو تسلط، إنما توازن مطلق سهّل التعبير الحر عن الخيارات لدى الناس، بحيث كانت الانتخابات مناسبة ساهمت فيها المؤسسة العسكرية بقوة مذكرة الناس بالانتخاب كممارسة تنبع من وجدان راق ينشد الديموقراطية الحقة، وذكّرتهم ايضا بأن حق تداول السلطة عبر ديموقراطية الانتخاب موجود ومصان على قاعدة احترام الآخر».
يؤكد المصدر أن «الأمن الذي فرضه الجيش خلال المراحل الأربع للعملية الانتخابية أدى إلى سلاسة في إتمامها وفي إعلان النتائج وتقبّلها بلا أي ردات فعل، فالخاسر تقبّل النتيجة والفائز لم يسكر بإنجازه إلى حد استفزاز الآخر، وتأمن ذلك عبر حيادية الجيش التي كانت سمة الانتخابات والتي منعت أي تدخل». وأوضح أن «التعليمات كانت صارمة بمنع التدخل لصالح المرشحين، وهذه أيضاً ديموقراطية بحد ذاتها كونها تنبع من حتمية أن الخيار للشعب، وبالتالي ديموقراطية الحياة المقرونة بحماية العملية الانتخابية كانت صفة الجيش في الانتخابات، التي جاءت لتذكّر الشعب بأن هناك حقا مقدسا له هو الانتخاب».
الأهم أيضاً هو أن المواطنين قبلوا بالنتائج وتعايشوا معها ثم عادوا إلى همومهم واهتماماتهم وحياتهم الطبيعية، وفي ضمير هؤلاء ان هذه المؤسسة التي تعمل كجسم صلب في مهام متعددة قامت بدور حفظ الانتخابات واعلان النتائج، وفي الوقت نفسه كانت تقوم بمهام أمنية لحماية أمن واستقرار لبنان على طول الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية».
يلفت المصدر إلى أنه «في الوقت الذي كانت الانتخابات، حملات واقتراعا ونتائج، تحصل بحماية الجيش، كان هذا الجيش يواصل تفكيك خلايا وشبكات الارهاب عند الحدود وفي الداخل ويعطل قدرتها الاجرامية على تنفيذ عمليات لو حصلت لشكّلت صدمة كبيرة للبنانيين نظرا الى النتائج الكارثية المترتبة عليها». ويقول إن «ما يجدر التوقف عنده أنه في 30 أيار المنصرم صدرت نتائج آخر مرحلة انتخابية التي كانت ساحتها الشمال وعكار، وبعد يومين فقط أي في الثاني من الشهر الجاري نفذ الجيش عملية نوعية واحترافية في خربة داود في عكار منعت «داعش» من أن يكون له موطئ قدم في المنطقة».
يختم المصدر بالقول «الانتخابات البلدية والاختيارية لم تمنع الجيش أو تحرفه عن دوره الاساسي في حماية لبنان، وتنفيذ المهمات الداخلية لم يكن على حساب المهمة الاساسية وهي محاربة الارهاب التكفيري والاسرائيلي وآخره تفكيك منظومة التجسس في الباروك ـ عين زحلتا».