الغريب بالنسبة الى عيد الجيش ان «المسؤولين وفاعليات البلد لم يتركوا المناسبة تمر من دون اعتبار الجيش خشبة الخلاص والضمان والامان للبنان وشعبه ومؤسساته، التي تقع عليها مسؤولية حفظ النظام حتى وان كانت مؤسساتنا من دون رأس باعتراف الجميع، مع ان الجميع المشار اليه غير قادر على ملء الفراغ في الرئاسة الاولى، من غير ان يمنعه ذلك من التعبير عن رأيه، لذا، لا بد من ان نعالج الامور بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل عمل مجلس النواب الذي يعاني شللا مخيفا في هذه المرحلة، على وشك ان تعود الحيوية الى مؤسسات الدولة لتقوم بواجباتها ومسؤولياتها الوطنية.
وما هو اكثر غرابة ان الجيش في الدول المتحضرة لا يلاحظ له دور، سوى المحافظة على سلامة الوطن، فيما العكس صحيح في دول العالم الثالث ولبنان منها، حيث يتكرر الكلام عن عيد الجيش ودوره في الحياة العامة طالما ان الجميع بحاجة ماسة اليه، لابقاء هذا البلد او ذاك واقفا على رجليه ليس لمجرد القول ان الجيش هو خشبة الخلاص والضمانة والامان لكل ما يعنيه البلد من متغيرات وازمات وبدليل ان العسكري في الخارج مجرد شعار وطني لا علاقة له بالسياسة بعكس ما هو قائم في لبنان وفي الدول الشبيهة به (…)
ان لبنان بحاجة ماسة الى رعاية وحماية مؤازرة من الجيش طالما ان سياسييه منشغلون بأمور كثيرة مغايرة لما يحتاجهم وطنهم الذي يعاني ابشع السلبيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما يسمح للسياسيين خصوصا بمن فيهم جماعة السلطة يركزون على الجيش بعكس ما هو حاصل في الدول المتقدمة والحضارية. وليس بعد كل ما تقدم من كلام على الجيش سوى من جانب المسؤولين السياسين عنه، بل قل المعنيين بالشأن الامني الذي يشهد خضات ليس لقلة احتراز من الجيش بل لعدم ثقة البعض بدوره الوطني!
في لبنان حال من الجفاء السياسي بين من هم في سدة المسؤولية وبين من هم خارج السلطة، حيث لكل طرف وجهة نظر بالنسبة الى دور الجيش الذي يتطلع البعض لان يشهد خدماته، من غير حاجة الى التعاون مع الجيش حيث لكل طرف رأيه، لاسيما من هم في السلطة ومن هم خارجها، ليس لان لكل رأيه بل لان لكل مصلحته الخاصة، من غير حاجة الى ان يكون وطنيا في مركب تتقاذفه الرياح من كل حدب وصوب!
ان انتخاب رئيس للجمهورية بات ملحا اكثر من كل وقت، لاسيما ان وزراء الحكومة يتصرفون على اساس ان واحدهم دولة كاملة المواصفات، بدليل اصرار كل واحد على ان يكون ظلا لرئيس الجمهورية بالاصالة وبالوكالة في وقت واحد، من غير حاجة الى من يهمه لبنان الواحد بشعبه وبمؤسساته وبجيشه، بمعزل عن الثلاثية التي يصر حزب الله عليها على اساس لبنان الشعب والجيش والمقاومة التي تحولت الى ما يقصم ظهر البلد من غير ان تكون مصلحة لاحد، وطنيا كان ام طارئا (…)
صحيح ان اسرائيل تتحمل تبعات كل ما جرى ويجري في بلادها، لكن ذلك لا يكفي لتبرئة اولئك الذين يشتغلون لمصالحهم الخاصة والشخصية، ليكون لهم لبنان على مقاسهم السياسي، ما يتطلب حماية هذا اللبنان من كل اصحاب المصالح الخاصة ومن كل تآمر وعدو، لاسيما اننا في ذروة اللعبة التكفيرية في هذه المنطقة من العالم مع العلم ان لبنان هو وطن كل المسلمين والمسيحيين المعنيين بالوحدة الجدية، والمصلحة الوطنية القادرة على مواجهات غدرات الزمان الصعب!
ان محاولات الضرب على وتر الجيش اللبناني القصد منه ابعاد المشكلة السياسية عن ان تكون مشكلة عدم ثقة بين اللبنانيين وكل ما يجب ان يجمعهم امام الجيش وحواليه ووراءه، كي لا يكون تخريب وتحزب سياسي وامني واقتصادي، تسمح ازمة النفايات بهزة من غير ان يجد من يصحح الخلل ولو من خلال الكلام الذي لا طائل منه، بعدما اثبتت التجارب اننا في زمن صعب مرشح لان يضر بالجميع من دون استثناء (…)
ان تهنئة الجيش بعيده فرض على كل لبناني وواجب لانه المدماك الوحيد الذي يحمي الوطن والشعب والمؤسسات، قبل ان يكون حاميا لمن هم في السلطة الذين يشكلون ثلاثة ارباع المشكلة الوطنية، من هنا يجب ان يفهم دور الجيش والمهام الموكولة اليه قياسا على كل ما عدا ذلك من تصرفات يشتم منها رائحة المصالح الخاصة من غير حاجة الى ان يتوقف واحدنا عند نقطة خلافية واحدة؟!