Site icon IMLebanon

الجيش للمسيحيِّين: التطوّع مفتوح أمامكم

حكَمت الشراكة الوطنيّة دولة لبنان الكبير، وأصبحت دستوره وشرعته، وقد أثبَتت التجاربُ أنّ إستفراد أيّ مكوّن بمقدّرات الدولة والسلطة سيؤدّي في نهاية المطاف الى إضطراباتٍ وخضّاتٍ لأنّ الفريق المغبون سينتفض لإسترجاع حقوقه المهدورة.

إجتمعت عوامل عدة وجعلت الحضور المسيحي في مؤسسات الدولة خجولاً بعد توقيع إتفاق «الطائف»، حيث تناقص بشكل حاد وانتشرت مقولة «هذه الدولة ليست لنا»، في الأوساط المسيحية.

هذا الإحساس بالغبن وربما الإبتعاد عن وظائف الدولة سببه في الدرجة الأولى، شعور المسيحيين بأنهم خسروا الحرب عام 1990 وذهبوا الى توقيع إتفاق «الطائف» مرغمين وقدموا التنازلات وخسروا الإمتيازات خصوصاً لجهة صلاحيات رئيس الجمهوريّة، وترافق ذلك مع أكبر موجة هجرة للشباب المسيحي بين عامَي 1990 و2000.

ومَن عايش تلك المرحلة، يعرف أنّ ثمّة بلدات خلت من شبابها، ما عمّق الخلل الديموغرافي الذي نعيشه حالياً، وسط صحوة إسلامية وتهافت للدخول الى مؤسسات الدولة بعد حلّ الميليشيات وعودة السلم الأهلي الى البلاد.

قد تكون مرحلة ما قبل العام 2005 من أسوء المراحل التي مرت على المسيحيين نتيجة شعورهم بالهزيمة وإبعاد قيادتهم السياسية عن الحكم، لكنّ هذه المرحلة إنتهت منذ 11 عاماً، فهل يُعقل أن يبقى المسيحي متأثراً برواسبها؟

وفي حين ترتفع صرخة القيادات المسيحية والكَنَيسة رفضاً للإجحاف والخلل اللاحق بالمسيحيين في إدارات الدولة، تنادي المؤسسة العسكريّة الأم وأكبر المؤسسات وأكثرها إنتشاراً وحضوراً وتأثيراً، المسيحيين للتطوّع في الجيش وتدعوهم الى تلبية النداء.

لا تتعامل قيادة الجيش مع هذا الملف من منطلق طائفي، بل من زاوية وطنية، إذ تعتبر أنّ الجميع شركاء في الدفاع عن الوطن، من أقصى الشمال الى الشريط الحدودي مروراً بالبقاع والجبل وبيروت، وهي الآن تُكرّر نداءَها إلى الشباب المسيحي للتطوّع، وتفتح الباب أمام أيّ شاب مسيحي وفي أيّ وقت يختاره حتّى لو لم تطلب تطويع عناصر، فيلتحق فوراً من دون أيّ عراقيل، علماً أنّ باب الترقية مفتوح ومسهّل للأفراد الملتحقين.

وفي السياق، لا تُخفي قيادة الجيش وجود خلل كبير على صعيد العناصر بسبب إنكفاء المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً عن الانضمام الى الجيش، ويظهر هذا الأمر جلياً من خلال التفاوت في عدد الطلبات التي تقدّم عند الإعلان عن دورة لتطويع عناصر، إذ إنّ نسبة طلبات المسيحيين ضئيلة جدّاً.

في المقابل، فإنّ التوازن على صعيد تلامذة الضباط الذين يتطوّعون في المدرسة الحربيّة، والعمداء والرتب قائم ومؤمَّن، وتحاول القيادة الحفاظ على التوازن في صفوف الرتباء، لكنّ الصعوبة التي تواجهها هي في عدم رغبة المسيحيين بالدخول الى المؤسسة العسكريّة.

حاولت قيادة الجيش حضّ المسيحيين على الإنخراط في صفوفها، وعملت منذ مدة على ذلك، وقد وجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير وبعده البطريرك مار بشارة بطرس الراعي نداءاتٍ متكرّرة وعملت بكركي مع الأحزاب والمؤسسات المسيحيّة لتحقيق هذا الهدف من دون الخروج بنتائج ملموسة حتى الساعة.

وفي حين يشكو الشباب المسيحي من غياب الوظيفة، تفتح قيادة الجيش أمامهم باب عمل بتقديمات إجتماعية وصحيّة وتربويّة كبيرة، ومن المعروف أنّ تقديمات الجيش لعناصره تتخطّى كلّ المؤسسات الأخرى، إضافة الى ضمان مستقبله وتأمين حياة أولاده.

قد يؤثر العامل الديموغرافي على المسيحيين خصوصاً مع إنخفاض نسبة الولادات التي نادراً ما تتخطّى الولدين في العائلة، مع إتجاه الشاب المسيحي الى العلم من ثمّ الهجرة وعدم رغبة الأهل في المخاطرة بأبنائهم بعدما دفع المسيحيون فاتورة كبيرة في الحروب السابقة وخسروا الكثير من شبابهم في الجيش والأحزاب.

لكن في المقابل، فإنّ الجيش هو لجميع اللبنانيين وينفذ عمليات في كلّ المناطق وليس لمصلحة فئة ضدّ أخرى، ويحظى أيضاً بثقة العواصم الكبرى وأبرزها واشنطن وباريس وبقية الدول التي تدعمه بالعتاد، ويبقى على المسيحيين أن يدعموه بما يتوجب عليهم من العديد.