تتسابق الحركة الاستخبارية للجيش اللبناني والقوى الأمنية إضافة الى العمليات الخاطفة السريعة والمداهمات المباغتة الى الرصد والمراقبة، مع مخططات تنظيم «داعش» الإرهابي الذي يصعب على أفراده التحرّك في المناطق لتنفيذ عمليات كبيرة تستهدف مرافق حيوية وشعبية مكتظة.
آخر إنجازات مخابرات الجيش كان إحباطها عمليتين ارهابيتين عبر توقيف خمسة «دواعش» من الجنسية السورية. وفي حيثيات هذا التوقيف دلالات على قدرةٍ وجهد عاليين للجيش في إحباط عمليتين من ضمن أكبر مخطط بدأ «داعش» بتنفيذه في لبنان.
وفي تفاصيل وأبعاد هذا الإنجاز يرصد في العملية ما يلي:
– أولاً، تمّ القبض على «الدواعش» الخمسة السوريين بشكل جماعي أي أنهم كانوا موجودين في أحد الاماكن وذلك بعملية نظيفة وسريعة.
– ثانياً، السوريون الخمسة لا يسكنون في لبنان وهم أتوا من الخارج إما عبر الحدود او بشكل شرعي عبر مطار بيروت وهذا ما كان يتطلّب جهداً مضاعفاً.
– ثالثاً، إنّ دقة العملية والجهد كانا في غاية الأهمية لأنّ الداتا المتعلقة بكلّ إرهابي أو مشكوك في تحرّكاته أو مشبوه أو مواطن عادي في لبنان موجودة لدى الجيش والقوى الأمنية، إلّا أنّ «داعش» بدأ بخطط جديدة أبرزها استقدام عناصر من الخارج ما يعني أنّ الداتا المختصة بهم غير موجودة ما يُصعّب من عملية معرفتهم أو رصدهم.
– رابعاً، إنّ التحقيقات مع المجموعة التي تمّ توقيفها تفتح أفقاً كبيراً حول خطط «داعش» المتجدّدة إن كان في التحرّك أو مواقع الاستهداف أو الجهة التي أتوا منها وأعطتهم الأوامر ودرّبتهم.
وحتى الآن استطاعت مخابرات الجيش الإستفادة جداً معلوماتياً عبر اعترافات مهمة من الارهابيّين الخمسة خصوصاً لجهة الأماكن المستهدَفة والمكان الذي أتوا منه، إضافة الى معلومات غاية في الخطورة. وتجري مخابرات الجيش تحقيقاتها ريثما يكتمل المشهد الجديد الذي بدأ «داعش» بالسير فيه ما يساعد على لجم حركة الإرهابيين ومنع أكبر قدر من التفجيرات.
أما في اعترافات تلك المجموعة الأوّلية، فقد أجمعوا على أنّه تمّ تدريبهم وإرسالهم الى لبنان لتنفيذ عمليات إنغماسية وإنتحارية، وذلك في المرافق السياحية وكان «كارينو لبنان» من الأهداف الأولى. أما في المناطق المكتظة فكان الهدفان إما منطقة الاشرفية أو الضاحية الجنوبية.
ومن خلال ما ورد من اعترافات يُكشف عنها في الايام اللاحقة، يظهر جلياً أنّ «داعش» عدا عن استراتيجيّته في استقدام الارهابيّين من الخارج لعدم توافر الداتا عنهم في لبنان، فإنّه يعمد إلى نشر الفوضى في كلّ المناطق بلا استثناء.
فلم تعد المناطق الشيعية هدفاً محصوراً بل المسيحية، ولم تعد اماكن العبادة هدفاً محصوراً بل السياحية أيضاً. كلّ ذلك بهدف زعزعة الاستقرار وتعميم الفوضى وجعل لبنان ساحة تسيل فيها الدماء وذات حركة مشلولة.
ومع توقيف الجيش لهذه المجموعة، يشكل الإنجاز صدمة إيجابية على اللبنانيين مهما كانت مخاطر العمل الذي كانوا يريدون تنفيذه. لأنّ هذا الإنجاز يُعزّز الثقة بقدرته العالية على المتابعة والرصد مهما كانت الخطط معقّدة، وكذلك كشف نوايا «داعش» وخططها وطرقها الجديدة في التدريب والتوجيه والاستهداف والتنفيذ.
والى أن يكتمل التحقيق مع مجموعة الخمسة يبقى الحذر مطلوباً وغير المتوقع موجوداً في موازاة الاحتياطات وكلّ ما يلزم من الجيش والقوى الامنية.