IMLebanon

الجيش لن يتأثر بوقف الهبة على المدى القريب والعروض الإيرانية البديلة دونها عوامل مؤثرة

على رغم أهمية الهبة المالية التي قدمتها المملكة السعودية للجيش والقوى الامنية اللبنانية والتي أوقفتها اخيرا نتيجة مواقف اعتبرتها المملكة تعديا سافرا عليها، تنفي مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت تأثير وقف الهبة سلبا على اداء الجيش اللبناني او تسلحه على نحو فوري او مباشر، أي على المدى القريب، بل تلتقي هذه المصادر مع معلومات أمنية تفيد بأن التأثير متوسط وبعيد المدى انطلاقا من أن الاسلحة المقررة للبنان بموجب هذه الهبة مبرمجة حتى ست سنوات مقبلة، ومن شأنها دعمه نوعيا. وتظهر هذه المصادر عاملا مطمئنا آخر يستند الى ان الولايات المتحدة ستبقي على دعمها للجيش وستمده بما يلزم، وحتى بما كان مقررا من جانبها بموجب الهبة، علما أن هذه المصادر لا تعتقد ان العلاقات اللبنانية – السعودية قد تذهب الى قطيعة او ان تأخذ ايران مكان المملكة السعودية على هذا الصعيد، على رغم الكلام الذي تزايد في الايام الاخيرة عن استعداد ايراني لضخ المساعدات الى لبنان. وهناك جملة اعتبارات جوهرية ومهمة وراء ذلك، خارج إطار المزايدات الدعائية او الاعلامية، ونقطة البداية بالنسبة الى المصادر المعنية أن المملكة السعودية حين قدمت هبة المليارات الثلاثة لم تسأل عن ماهية ما سيطلبه لبنان الذي تركت له أن يحدد ما يريده في اتصالات مع الفرنسيين، في حين أن إيران حين ابدت استعدادها سابقا لتقديم المساعدة للجيش انما تحدثت عن تفاوض مع الدولة اللبنانية وليس عن هبة أو هبات، ومن المستبعد أن تقدم ايران ملياراتها التي استعادتها بعد رفع العقوبات الى لبنان، وعلى كتفها أثقال أكثر من أن تعدّ في الداخل الايراني كما في العراق وسوريا واليمن، وصولا الى لبنان حيث تدعم “حزب الله” بالمال والسلاح وبالعناصر التدريبية أيضا. والفارق تاليا أن السعودية تدعم الدولة اللبنانية في حين أن إيران تدعم طائفة وتنظيما مسلحا تقدَّر الصواريخ التي يملكها بين 20 ألف و80 ألفا، وفقا لادعاءات اسرائيلية لا يمكن التأكد منها، في الوقت الذي تساهم في تكبير خطر “حزب الله” عليها لكن من دون الاستهانة بما يشكله الحزب فعليا في وجه اسرائيل. وهناك تبسيط في الادعاء أن إيران يمكن أن تمد الجيش بالمليارات، كما السعودية، من أجل أن يشتري السلاح اللازم من الولايات المتحدة أو فرنسا، أو أن تدفع الى أن يغير الجيش ماهية السلاح الذي يملكه لكي يتحول سلاحا إيراني الصنع بدلا من ان يكون اميركيا او فرنسيا، او أن تسمح الولايات المتحدة ومن ورائها اسرائيل بأن تتولى ايران هذا الدور مع الجيش اللبناني.

الجانب التبسيطي الآخر بالنسبة الى هذه المصادر يتمثل في عدم قراءة التحولات الكبيرة التي حصلت في المنطقة. وأحد أوجهها هو واقع ايران في سوريا، وعلام ستحصل نتيجة الحرب التي دعمت فيها رئيس النظام السوري، وهل تستطيع الحفاظ على ممرها الى البحر المتوسط، أي الى جنوب لبنان، للمحافظة على دعمها لـ”حزب الله”؟ اذ ان مشكلة ايران في سوريا أنه ليس لها جذور مئة في المئة كما هي مع حال الحزب في لبنان. إذ حين شارف النظام السوري الانهيار اضطرت ايران الى أن ترسل الحزب من لبنان والباسدران الايراني، في حين أنه ستكون لبشار الاسد، إذا بقي، حساباته، علما أنه لم يعد مقررا وحده بل هناك روسيا في الدرجة الاولى، وايران. ولذلك ثمة اعتقاد أن لا خيار لدى ايران سوى أن تأخذ اتفاقات معينة لعدم وجود مجموعات في سوريا تطالب لها بالحقوق كما هي حال “حزب الله” في لبنان، أو الاكراد في سوريا، بحيث تعطي اي مجموعة مماثلة ايران نفوذا أو موقع قدم كما هي الحال في لبنان.

العامل الآخر الذي يتعين أخذه في الاعتبار في رأي هذه المصادر أن إيران كانت تستخدم لبنان وسوريا في الأساس ضد اسرائيل. وبتوقيع إيران الاتفاق النووي مع الغرب ودخولها نادي المجتمع الدولي وتعليقها أهمية كبيرة على ذلك الى درجة إدراج الكثير من المتشددين الذين تم انتخابهم في عطلة الاسبوع على أنهم إصلاحيون أو معتدلون، علما أن السلطات الايرانية كانت حددت مقاعد محدودة للاصلاحيين لا تتخطى الثلاثين مقعدا لا يمكن أن تحدث تغييرا يذكر، فإنما لحرصها على إسباغ طابع فوز الاعتدال وتغليبه من اجل الفوز بانفتاح الغرب عليها. وقد استخدمت ايران لبنان وسوريا من اجل الدفع قدما في انجاز اتفاقها النووي وتهديدا لاسرائيل في حال تجرأت وقصفت المفاعلات النووية في ايران. ما بعد الاتفاق النووي يثير تساؤلات جدية حتى حول طبيعة الاسلحة الاستراتيجية التي تقدم لـ”حزب الله” ولاي هدف اذا لم يعد هناك حاجة الى إيران للدفاع عن نفسها. فالصواريخ التي قدمتها ايران للحزب ويقدر عددها بالالاف في لبنان، تحتاج الى صيانة وتشغيل وتحديث، بحيث تغدو غير ذات جدوى في حال عدم استخدامها، خصوصا انها مخصصة في زمن الصراع النووي لفتح جبهة في لبنان بمعنى انه سلاح استراتيجي وليس سلاحاً تكتياً ويحتاج الى صيانة وحراسة وهذا كله مكلف جدا خصوصا متى كان هذا السلاح غير قابل للاستخدام. فمع ان الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هدد اسرائيل اخيرا بخزانات الامونيا، وهو عد كلاما خطرا وغير مسؤول يعطي إسرائيل ذريعة لتمحو لبنان، فكيف والحال حين يفتقد لبنان الى اي مظلة عربية او خارجية تحميه متى كان الجيش اللبناني تحت مظلة ايران في حال تولت تسليحه كما هي الحال بالنسبة الى الحزب؟