Site icon IMLebanon

الجيش

 

لبنان في مأزق حقيقي، التمسك بالمواقف «عَ العمياني» ومهما كانت النتائج. ومن أسف إنَّ النتائج سلبية سابقاً وراهناً وفي الآتي. وفي المقابل الثوار متمسكون بموقفهم وليس لديهم أي بوادر نحو التراجع، في المستقبل المنظور على الأقل. ولهذا يعني أن الجميع باتوا أسرى مواقفهم.

 

في هذا الوضع المأزوم يبقى الأمل معقوداً على الجيش اللبناني الذي استمعنا، أمس، الى قائده العماد جوزاف عون يحدِّد المهمة والدور والمسؤولية: حماية الحق بالتظاهر، حماية الحق بالتنقل عبر الطرقات المفتوحة، قمع «الزعزنات» (والتعبير له) ومكافحة المخدرات، طبعاً هذه المهام ذات صلة بالتطورات المستجدة وهي، في هذه المرحلة بالذات، ليست على حساب المهمة الأساس للجيش على الحدود.

 

وقد جاء كلام الجنرال قائد الجيش خلال تفقده بعض القطع والوحدات ليشكل رداً على نوع آخر من الزعرنات الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي والذي تناول القائد… ويؤسف جداً أننا أصبحنا في زمن يستطيع أي فاقد ضمير وأي متطفل أن يوزع ما يشاء من «معلومات» ليست حقيقية بالطبع، وأي «أخبار» ليست سوى مجرَّد فبركات، فيذهب الى تعميمها. والأسف الأكبر أن هناك من يصدِّق، وهناك من يسهم في هذه الخطيئة فينشرها، بدوره، سواء أكان عن حسن نية أم عن سوء نية، ليزيد في طين هذه الخزعبلات بلّة.

 

ولقد كان قائد الجيش حاسماً في وضع النقط على الحروف.. ويستدل من كلامه الواضح المباشر أن الجيش لن يتخلّى عن دوره ومسؤولياته وواجبه والقسم في الحفاظ على الوطن، وعلى اللبنانيين جميعاً، لا فرق بين مشارك في حراك الشارع وبين رافض الحراك أو عدم مكترث به.

 

ولكن في هذه الحالات كلها فالجيش لن يقف متفرَّجاً، إذ إنه سيبادر الى الخطوات التي تقتضيها كل حالة على حدة ضمن الخط العريض الرئيس: الحق في الحراك والحق في التنقل عبر الطرقات داخل الأراضي اللبنانية كلها.

 

صحيح أن الجيش (وهو ابن الشعب كله والمناطق كلها والأطياف كلها) لا يستطيع أن يتخذ موقفاً مع طرف ضد آخر، وأصلاً لا يجوز مطالبته بموقف من هذا النوع. ولكن الجيش لا يمكن ان يكون لامبالياً إزاء معاناة العباد والبلاد.

 

في العام 1975 رفض رئيس الحكومة آنذاك الرئيس الشهيد المرحوم رشيد كرامي أن يتدخل الجيش بدعوى عدم تعريضه للانقسام، فكان أن تفاقمت الأحداث وتوالت المآسي والفواجع والحروب التي تناسلت حروباً. وأما النتيجة فكان أن انقسم الجيش جيوشاً.

 

واليوم ليس مطلوباً أن يتدخل الجيش مع أي جهة. وهذا ما أكد عليه القائد، أمس، فعدم التدخل فريقاً لا يلغي دوره حامياً للحريات ولأمن الناس والمؤسسات.

 

هذا الجيش هو العمود الفقري للبنان. وهو الأمل الذي يُبنى عليه في الملمات. وللتذكير، فقط للتذكير: ما إن وضعت الحروب أوزارها في مطلع التسعينات حتى التأم الجيش (رغم ما كان يعانيه) في ساعات قليلة، وتمّ دمج الألوية في سرعة غير مسبوقة حتى في الأيام العادية، وشكل الجيش مجدداً القاعدة التي ارتكز عليها الهيكل مجدداً.