IMLebanon

«عرسال ـــ2»: قضم مدفعي وصاروخي لمواقع «الداعشيين»

لبنان الشعبي شبه الغائب عن الملفات إلى درجة الغيبوبة، لانهماكاته التي تبدأ من عرسال وتمر في الخريبة، يعيش على وقع الغموض الذي يلف قضية العسكريين الاسرى العالقة عند عقدة «المقايضة» التي اضيفت الى القاموس اللبناني حديثا،على وقع ما ستحمله الأيام المقبلة من تنفيذ ميداني لقرارات الحكومة بمواجهة محاولات زرع الفتنة.

فمع السقوط «المبدئي» للوساطة القطرية، عشية العودة الى استهداف المؤسسة العسكرية، باشر الجيش، بحسب مصادر عسكرية، خطة استنزاف مضادة للمسلحين، تقوم على تنفيذ رمايات بالمدفعية البعيدة المدى من عيار 155 ملم لاهداف «حيوية» ومراكز قيادة للمسلحين في المناطق الجردية المحيطة بعرسال، محققة اصابات مباشرة موقعة عشرات القتلى والجرحى، من ابرزهم أبو الليث الطرابلسي الذي قتل مع مجموعة تابعة لشادي المولوي بصاروخ «هيل فاير» اطلقته طائرة لبنانية، مؤكدة أن الجيش سيواصل ضرب التجمعات في محاولة لاخلاء عرسال من مخيمات النازحين لجعل المنطقة متعاونة أكثر، فيما تقرر الحكومة الى اين سيتم نقلهم، فالمرحلة عسكرية – أمنية بامتياز، حيث لم يعد الجيش على استعداد للقبول باستنزافه.

المصادر التي اشارت الى ان لا عملية عسكرية للجيش، اقله في المدى المنظور لضرب وطرد مسلحي «النصرة» و«داعش» من أماكن تواجدهم في جرود عرسال حيث يحتجزون العسكريين اللبنانيين، لإعتبارات متعددة أولها وعورة المنطقة والحاجة إلى عدد كبير من الوحدات البرية والقوات الخاصة وتغطية جوية واسعة، اكدت ان انتشار الوحدات العسكرية على التلال المشرفة على وديان الرهوة والزعرور والحصن وحميد مدينة الملاهي وعجرم ومن خلال السواتر الترابية التي أقامها والالغام التي زرعها في اكثر من منطقة إستطاع أن يعزل عرسال في شكل شبه كامل عن جردها كما استطاع أن يرصد كل تحركات المسلحين وآلياتهم بواسطة ارهاط الاستطلاع الخاصة به وكاميرات مراقبة نُصبت في أكثر من موقع، فضلا عن الدور الذي تضطلع به طائرتي «السيسنا» لجهة تحديد مواقع المسلحين واحداثياتها، ما يفسر سرعة تحرك الوحدات الجاهزة والمستعدة للتحرك فورا تجاه اي خطر او تهديد محتمل في المنطقة، في حين بات معلوماً عديد القوة التي يحشدها تنظيمي «داعش» و«النصرة» ومن معهما على محاور جرود عرسال الثلاثة ومواقع انتشارهم على الأرض ونوعية السلاح الذي يملكونه من خفيف وثقيل ومتوسط.

وتضيف المصادر ان القوى الأمنية تسعى ومن خلال المداهمات التي تقوم بها في عرسال المدينة وفي أماكن تواجد النازحين السوريين من داخلها أو في المخيمات المحيطة بها الى توفير ظهر آمن لها يجنبها ما تعرضت له في معركة عرسال الاولى من مفاجآت وخسائر وهي لذلك أوقفت ليل أمس وحده الى جانب من ألقت القبض عليهم من «الدواعش» المعروفين والمشتركين في ارتكابات وجرائم تصفية العسكريين من لبنانيين وسوريين 250 عنصراً وصادرت أسلحتهم.

في المقابل ثمة من لا يزال يراهن على عودة المفاوضات قبل الوصول إلى الساعة الصفر عسكريا، آخرهم النائب وليد جنبلاط الذي طلب من الرئيس سلام تغليب المصلحة الوطنية، والقبول بالمقايضة إذا اقتضى الأمر وبشروط معينة للافراج عن العسكريين، علما ان الوضع يزداد خطورة في ظل توقف المفاوضات وعدم عودة الموفد القطري ليستأنف وساطته التي يكتنفها الغموض، وسط مؤشّرات سلبية توحي بإمكان وقف الأتراك مشاركتهم فيها، والتعثّر الذي أصاب الجانب التركي منها، ما ينذر بفلتان الوضع بحسب مصادر متابعة للملف بلا اي ضوابط، ما قاد البيك الى جولة في البقاع الغربي، حيث باتت «النصرة» على تماس مباشر مع القرى الدرزية في جبل الشيخ والعرقوب وحاصبيا وراشيا، متخوفا من تحول شبعا إلى عرسال ثانية، بحسب المقربين منه، في ظل الفتنة التي بدأت تطل برأسها على الفالق الممتد من عرسال، حيث يطالب آل حمية برأس مصطفى الحجيري، وصولا إلى العرقوب حيث باتت المناوشات بين القرى الدرزية ومناصري «النصرة» و«داعش» على المقلبين اللبناني والسوري من الحدود، أمرا ينذر بقرب الانفجار الخطير.

علما ان ما حصل في الخريبة تؤكد المصادر يؤشر الى بداية مرحلة جديدة بين القوى التكفيرية السنية و«حزب الله»، التي نقلت المعركة معه إلى داخل لبنان وعلى حواجزه، بعدما كانت تستهدف في مرحلة سابقة حواجز الجيش ومراكزه ودورياته، فيما انقسم أهالي العسكريين، حول تحميل الحزب مسؤولية عرقلة المفاوضات، ما ادى الى فض الاعتصام في ساحة الشهداء، ونقل الاعتصام إلى بلدة القلمون على الأوتوستراد بين بيروت وطرابلس، فيما بدا الموقف مختلفا عند أهالي العسكريين البقاعيين، الذين يحملّون عرسال، وعائلة الحجيري بالذات مسؤولية استمرار احتجاز أبنائهم.

تطور الأوضاع ومسارها على الساحة اللبنانية وفي البقاع الشمالي تحديداً ان وقائع ومجريات الأمور على الأرض تشير بوضوح الى أن معركة «عرسال -2 » تدق الأبواب وتقرع الطبول، في مواجهة باتت مفروضة على لبنان.

فهل تعود الكلمة للمفاوضات في اللحظة الأخيرة ونكون أمام تكرار للتجربة التركية بخواتيمها السعيدة أم ان ما كتب قد كتب ومعركة عرسال- 2 أصبحت أمرا واقعا؟